للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أحدها: أن قوله: (وفيها مسلم) يعود للصور الثلاثة، وإن كان قد يتبادر إلى الفهم عوده للأخيرتين فقط؛ لتقييده الأولى بقيد آخر، وهو أن يكون فيها أهل ذمة، لكن الأول ليس قيدًا كما سنذكره، وقد أفرد "التنبيه" الأولى، وقيدها بذلك، فقال [ص ١٣٣]: (وإن وجد في بلد المسلمين وفيه مسلمون)، لكن عبارته تفهم أنه لو لم يكن فيها إلا مسلم أو مسلمان .. لم يكن الحكم كذلك، وليس كذلك؛ فمسلم واحد كافٍ كما ذكره "المنهاج" (١).

ثانيها: ظاهر عبارتهما: أنه لا فرق بين أن يكون المسلم ساكنا مستوطنًا، أو مقيمًا لم يرد الاستيطان، أو مجتازًا، وكذا عبر به "التنبيه" في المسلم الذي ببلاد الكفر (٢)، لكن اعتبر "المنهاج" في ذاك السكن، وجمع "الحاوي" بينهما، واعتبر فيهما السكن، فقال [ص ٤٠٦]: (واللقيط مسلمٌ إن وجد حيث سكن مسلم)، وهذا يتناول داري الإسلام والكفر.

وقال شيخنا ابن النقيب: لعل "المنهاج" يكتفي بمجرد إقامة يسيرة تمنع من قصر الصلاة؛ فهي رتبة بين المجتاز والساكن المتوطن (٣).

قلت: الظاهر: الاكتفاء في دار الإسلام بأن يكون فيها مسلم ولو مجتازًا؛ تغليبًا لحرمتها، وكذا عبر به فيها في "أصل الروضة" مع تعبيره في دار الكفر بالسكن (٤).

ثالثها: قوله: (وفيها أهل ذمة) قد يفهم منه أنه قيد، وليس كذلك، بل المراد: ولو كان فيها أهل ذمة.

رابعها: كلامه يفهم في الصورتين الأخيرتين - وهما ما فتحه المسلمون وأقروه بيد الكفار، إما قبل الملك أو بعده - أنهما ليستا دار إسلام؛ لذكرهما في مقابلة دار الإسلام، وليس كذلك، وعبر "التنبيه" عن الأولى ببلد المسلمين، وعن الأخيرتين ببلد فتحه المسلمون (٥)، وذلك يقتضي أنهما ليسا بلد المسلمين، وقد يقال: إنه لا يقتضي أنهما ليسا دار إسلام؛ فدار المسلمين أخص من دار الإسلام، ولا يلزم من نفي الأخص نفي الأعم، وقال السبكي: في إطلاق دار الإسلام على الضرب الثاني وهو: ما فتح صلحًا، وأقر أهله عليه انظر.

خامسها: بقي من دار الإسلام قسم رابع، وهو: ما كان المسلمون يسكنونه فغلب عليه الكفار وانتزعوه منهم؛ كطرسوس وقرطبة ونحوهما، وقد ذكره "التنبيه" فقال [ص ١٣٣]: (أو في بلد


(١) المنهاج (ص ٣٣٢).
(٢) التنبيه (ص ١٣٣).
(٣) انظر "السراج على نكت المنهاج" (٤/ ٣٩٣).
(٤) الروضة (٥/ ٤٣٤).
(٥) التنبيه (ص ١٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>