للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٣٣٥٨ - قول "التنبيه" [ص ١١١]: (وإن طالبه بها فمنعها من غير عذر .. ضمن) أي: بعدم التمكين منها؛ فإنه الواجب على المودع، وليس عليه مؤنة الرد؛ ولهذا قال "المنهاج" [ص ٣٦٣]: (لزمه الرد؛ بأن يخلي بينه وبينها) و"الحاوي" [ص ٤٤٠]: (فأخر التخلية لا لإتمام غرض).

وتعبير "المنهاج" و"الحاوي" بالتأخير أحسن من تعبير "التنبيه" بالمنع؛ لأنه قد يفهم توقف الضمان على المنع المطلق، وليس كذلك، فمجرد التأخير مضمن.

وتعبيرهما بالعذر أحسن من تعبير "الحاوي" بإتمام غرض؛ فإنه قد لا يشمل مثل ما لو طالبه في جنح الليل والوديعة في خزانة لا يتأتى فتح بابها في الوقت، فهذا عذر وليس فيه إتمام غرض، لكنه مفهوم من طريق الأولى، ومفهوم كلامهم: أنه لا ضمان بالتأخير مع العذر لو تلفت في تلك الحال، وقد حكاه الرافعي عن المتولي ومقتضى كلام البغوي (١)، وقال النووي: إنه الراجح، وبه صرح كثيرون، ولفظ الغزالي في "الوسيط" يشعر بتفصيل؛ وهو أنه إن كان التأخير لتعذر الوصول إلى الوديعة .. فلا ضمان، وإن كان لعسر يلحقه أو غرض يفوته .. ضمن (٢).

٣٣٥٩ - قول "التنبيه" [ص ١١١]: (وإن قال: هلكت الوديعة .. فالقول قوله) أطلق، وهو محمول على تفصيل ذكره "المنهاج" فقال [ص ٣٦٣]: (وإن ادعى تلفها ولم يذكر سبباً، أو ذكر خفياً كسرقة .. صدق بيمينه، وإن ذكر ظاهراً كحريق؛ فإن عُرفَ الحريق وعمومه .. صُدق بلا يمين، وإن عُرف دون عمومه .. صدق بيمينه، وإن جُهل .. طُولب ببينة، ثم يُحلَّف على التلف به) وقد اعترض عليه بذلك شيخنا الإسنوي، وقال في "التوشيح": هو اعتراض ساقط؛ لأن قوله مقبول فيها، وإنما يحتاج إلى البينة على أصل السبب، وقول الشيخ: إن قوله مقبول في الهلاك على إطلاقه، وقد شرحه ابن الرفعة على الصواب، فقال: سواء ادعاه بسبب ظاهر أو خفي.

نعم؛ إن ادعى سبباً ظاهراً كالحريق .. كلف إقامة البينة على السبب دون التلف.

وقال النسائي: إنما ذكر ابن الرفعة هذا مع وضوحه؛ لالتباسه على بعض الطلبة فيما كلف فيه البينة، وهو صريح في كلام الشيخ؛ حيث قال في إخراجها والمسافرة بها لضرورة: فإن كان ذلك بسبب ظاهر؛ كالحريق والنهب وما أشبههما .. لم يقبل إلا ببينة (٣).

قلت: فاكتفى "التنبيه" بذكر ذلك في سبب الإخراج عن ذكره في سبب التلف، وذلك يقتضي صحة إيراده في سبب التلف، وإلا .. فكيف أورده في سبب الإخراج، والله أعلم.


(١) انظر "فتح العزيز" (٧/ ٣١٦).
(٢) الروضة (٦/ ٣٤٤)، وانظر "الوسيط" (٤/ ٥١٤).
(٣) انظر "نكت النبيه على أحكام التنبيه" (ق ١٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>