للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقت الشيء هل يقوم مقامه؛ كرمي الجمار؟ وكذلك: من بلغ سفيهاً ولم يتصل به حكم، وهو المهمل .. فيزوجه كسائر تصرفاته، وفيها خلاف، ولا يرد ذلك على "التنبيه" لأنه ذكره في أقسام غير جائز التصرف، وغير المحجور عليه جائز التصرف.

ثانيها: قد يفهم من عبارته ومن قول "الحاوي" [ص ٤٥٨]: (بالحاجة): الاكتفاء بدعواه الاحتياج للنكاح، وليس كذلك في الأصح، بل لا بد من ظهور الحاجة بغلبة الشهوة بأمارات تدل عليها، أو باحتياجه إلى من يخدمه بالشرط المتقدم في المجنون، وفيه ما تقدم.

والحق: أن عبارتهما لا تفهم ذلك، بل تقتضي ثبوت الاحتياج، ولم يتعرض "المنهاج" لاعتبار الحاجة في تزويج السفيه، وهو وارد عليه.

ثالثها: قد يفهم تزويجه بغير إذنه، وهو محكي عن العراقيين، والأصح: خلافه؛ ولهذا قال "المنهاج" [ص ٣٨١]: (وإن قَبِلَ له وليّه .. اشترط إذنه في الأصح) وهو مفهوم من قول "الحاوي" [ص ٤٥٨]: (وعكسه) أي: عكس تزويجه بإذن الولي، وهو تزويج الولي له بإذنه.

رابعها: مقتضى كلامه: أن الحاكم إنما يزوجه عند فقد الأب والجد؛ ومحل هذا: ما إذا بلغ سفيهاً، فإن بلغ رشيداً ثم أعيد الحجر عليه .. فالأصح: أن الذي يليه هو الحاكم كما ذكروه في (الحجر)، وأحالوا الأمر هنا عليه، وحكى الرافعي هنا: التصريح به عن أبي الفرج الزاز (١).

خامسها: مقتضى كلامه: أنه لا يزوجه الوصي، وهو الذي ذكره النووي في "الروضة" من زيادته، فقال: الأصح: أنه إن كان له أبٌ أو جدٌ .. فالتزويج إليه، وإلا .. فلا يجوز أن يزوجه إلا القاضي أو من فوض القاضي إليه تزويجه، وممن جزم بذلك الشيخ أبو محمد. انتهى (٢).

لكن كلام الرافعي هنا يدل على تزويج الوصي؛ فإنه قال: والكلام فيمن يلي أمر السفيه سبق في الحجر (٣)، وصرح بذلك في الوصايا، وحذفه من "الروضة" هناك، وحكي عن نص الشافعي في "الأم" و"المختصر" (٤)، ونقله شيخنا الإمام البلقيني عن الشيخ أبي حامد والماوردي وصاحب "الذخائر"، ومال إليه، وصنف فيه تصنيفاً سماه "الجواب الوجيز عن تزويج الوصي للسفيه"، وهو ظاهر إطلاق "المنهاج" و"الحاوي" الولي.

٣٥٧٢ - قول "المنهاج" [ص ٣٨١]: (فإن زاد .. فالمشهور: صحة النكاح بمهر المثل من المسمى) وهو داخل في قول "الحاوي" [ص ٤٥٨]: (ولغا الزائد) ويوافقه قول "التنبيه" في


(١) انظر "فتح العزيز" (٨/ ١٩).
(٢) الروضة (٧/ ١٠٠).
(٣) انظر "فتح العزيز" (٨/ ١٩).
(٤) الأم (٤/ ١٢١)، مختصر المزني (ص ١٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>