للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الداعي مسلماً (١)، وذكر " التنبيه " في بقية الباب منها ثلاثة: أن يُدعى في اليوم الأول، وأن يكون الداعي مسلماً، وألا يكون هناك معصية لا يقدر على إزالتها (٢).

وبقيت عليهم شروط أخرى:

أحدها: أن يخصه بالدعوة؛ فلو قال: ليحضر من شاء، أو قال لمعين: أحضر من شئت، فقال لغيره: (أحضر) .. لم تجب الإجابة، ولا تستحب، وقد يقال: علم هذا من قولهم: (دعي) فإن هذا لم يدع، وإنما مكن من الحضور، وذكر في " البحر " أنه لو قال: إن رأيت أن تحملني .. لزمته الإجابة.

ثانيها: ألَاّ يعتذر إلى الداعي ويرضا بتخلفه، فإن كان كذلك .. زال الوجوب، قال في " التوشيح ": كذا أطلقوه، فهل هو على إطلاقه وإن اعتذر بما ليس عذراً لرضا الداعي، أو لا يجوز له الاعتذار إلا بعذر شرعي؟ فيه نظر.

قلت: الصواب الأول؛ لأن العذر الشرعي كاف في عدم الوجوب، لا يحتاج معه إلى رضا الداعي، والمسقط هنا رضاه فقط؛ لأن الحق له، فلو غلب على ظنه أن الداعي لا يتألم بانقطاعه .. ففيه تردد، حكاه في " الذخائر ".

ثالثها: ألَاّ يسبق الداعي غيره، فإن دعاه اثنان .. أجاب الأسبق، فإن جاءا معاً .. أجاب الأقرب رحماً، ثم داراً.

رابعها: ألَاّ يدعوه من أكثر ماله حرام، فمن هو كذلك .. تكره إجابته، فإن علم أن عين الطعام حرام .. حرمت، وإلا .. فلا، قال في " التتمة ": فإن لم يعلم حال الطعام وغلب الحلال لم تتأكد الإجابة أو الحرام أو الشبهة .. كرهت. انتهى.

وفيما ذكره في الشبهة نظر.

خامسها: قال إبراهيم المروزي: لو دعته أجنبية وليس هناك محرم له ولا لها، ولم تخل به، بل جلست في بيت وبعثت الطعام مع خادم إليه إلى بيت آخر من دارها .. لم يجبها مخافة الفتنة، حكاه عنه في زيادة " الروضة "، وأقره (٣).

قال السبكي: وهو الصواب، إلا أن يكون الحال على خلاف ذلك كما كان سفيان الثوري وأضرابه يزورون رابعة العدوية، ويسمعون كلامها، قال: فإذا وجدت امرأة مثل رابعة ورجل مثل سفيان .. لم يكره لهما ذلك.


(١) الحاوي (ص ٤٨٥).
(٢) التنبيه (ص ١٦٩).
(٣) الروضة (٧/ ٣٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>