للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

صرح القاضي حسين والبغوي (١)، وقال الإمام والغزالي: إنه ليس بإكراه في الحقيقة، والقاتل مختار (٢)، قال شيخنا: وهو واضح لا خفاء به، ومقتضاه: أنه لا يجب عليه كفارة، ولكنه أثم بما جرى منه، وكذا قال في "المهمات": إنه لا يستقيم، قال: والمسألة في "التهذيب" على الصواب، فلما نقلها الرافعي منه .. جعل تفريع أحد القولين للآخر.

٤٥٦٧ - قوله: (وإن قال: "اقتلني وإلا قتلتك" .. فالمذهب: لا قصاص، والأظهر: لا دية) (٣) فيه أمور:

أحدها: يستثنى من الخلاف: ما إذا قتله دفعًا حيث تعين ذلك .. فلا قصاص ولا دية قطعاً؛ ففي "أصل الروضة" عن الأئمة: أن للمأمور دفع الآمر ولا شيء عليه إذا أتى الدفع على نفسه، قال: فعلى هذا: إذا قتله دفعاً .. ينبغي أن يحكم بأنه لا قصاص ولا دية بلا تفصيل ولا خلاف، وقد أشار إليه أبو الحسن العبادي فقال: إذا قال: (اقتلني وإلا قتلتك) فإن همّ بقتله .. فهو استسلام، وإن قتله .. فهو دفع، ويمكن أن يقال: موضع التفصيل والخلاف ما إذا أمكنه الدفع بغير القتل، وإنما لا يلزمه شيء إذا لم يمكنه الدفع بغيره.

قال شيخنا الإمام البلقيني: وهذا متعقب؛ فإنه إذا أمكنه الدفع بغير القتل .. لا يتحقق الإكراه، وإنما الذي يظهر أن موضع الخلاف ما إذا قتله بمقتضى الإكراه لا على قصد الدفع عن نفسه كما يدفع الصائل الطالب لنفسه، فهنا لا يلزمه شيء قطعا.

ثانيها: كان ينبغي أن يقول فيهما: على المذهب؛ لأن الخلاف فيهما معاً طريقان، ذكره شيخنا الإمام البلقيني.

ثالثها: لا يختص ذلك بالإكراه، فلو اقتصر على قوله: (اقتلني) .. فلا قصاص على المذهب، ولا دية في الأظهر أيضاً.

نعم؛ لو كان الآذن عبداً .. لم يسقط الضمان، وفي القصاص إذا كان المأذون له عبداً وجهان.

٤٥٦٨ - قوله: (ولو قال: "اقتل زيداً أو عمراً " .. فليس بإكراه) (٤) قال شيخنا الإمام البلقيني: الأصح: أنه إكراه؛ فإنه لا يتخلص من قتله إلا بقتل واقع على معين، وليس كإكراهه على طلاق إحدى زوجتيه؛ فإنه يمكن أن يقول: أحدهما طالق، فإذا طلق معينة .. كان مختاراً، وهذا اختيار القاضي حسين بعد أن حكى الأول عن الأصحاب، وحكى أبو الحسن العبادي في ذلك وجهين.


(١) انظر "التهذيب" (٧/ ٦٧).
(٢) انظر "نهاية المطلب" (١٦/ ١١٨)، و"الوجيز" (٢/ ١٢٨)، و"الوسيط " (٦/ ٢٦٤).
(٣) انظر "المنهاج" (ص ٤٧٠).
(٤) انظر "المنهاج" (ص ٤٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>