طريق لا يندفع شره إلا بالقتل .. فهو غير معصوم في تلك الحالة مع أنه مسلم، فإن كان ذميًا .. انتقض عهده بقطع الطريق إن شرط انتقاض عهده به، وإلا .. فلا، وهل ينتقض عهده بالصيال أو يقال: هو مهدر مع بقاء عهده؛ الثاني هو المعتمد؛ وهو مقتضى كلام الشافعي وأصحابه، وأما في الهدنة والأمان .. فمقتضى المنقول: انتقاض عهده وأمانه، ولا يقال في الصائل وقاطع الطريق: إنهما معصومان بالنسبة لغير المصول عليه والمقطوع عليه الطريق، بل هما مهدران مطلقاً إذا تعين قتلهما لدفع شرهما.
وأورد في "المهمات" على الحصر في الإيمان والأمان: ضرب الرق على أسير، وقال شيخنا الإمام البلقيني: لا يرد؛ فإنه صار مالاً للمستحقين المسلمين ومال المسلمين في أمان.
٤٥٧٧ - قول "المنهاج"[ص ٤٧١]: (ومن عليه قصاص كغيره) أي: بالنسبة إلى غير مستحق القصاص، أما بالنسبة إليه .. فهدر؛ ولهذا قال "الحاوي"[ص ٥٤٨]: (كالقاتل، ويد السارق على غير المستحق) وأورد عليهما شيخنا الإمام البلقيني من عليه قصاص؛ لأنه قتل في قطع الطريق، إذا قتله غير المستحق .. لا يقتل به، إلا إن كان مثله في تحتم القتل، وما ذكره "الحاوي" من أن يد السارق معصومة بالنسبة لغير المسروق منه، فإذا قطعها .. قطعت يده، صرح به الماوردي، لكن المجزوم به في "الروضة" وأصلها في (باب السرقة) أنه لا قطع مطلقاً، وهو ظاهر؛ لاستحقاقها القطع (١).
٤٥٧٨ - قول "التنبيه"[ص ٢٢٠]: (ومن قتل من وجب رجمه بالبينة، أو انحتم قتله في المحاربة .. لم تلزمه الدية) يستثنى منه: ما إذا كان القاتل ذميًا أو مستأمنًا أو زانياً محصنًا .. فعليه القصاص؛ ولهذا قال "المنهاج"[ص ٤٧١]: (والزاني المحصن إن قتله ذميٌّ .. قُتل، أو مسلم .. فلا في الأصح) وفيه أمور:
أحدها: لا يختص ذلك بالذمي، بل لو قتله زان محصن .. قتل به في الأصح مع كونه مسلماً، وكذا يقتل به المرتد في الأصح؛ ولهذا قال "الحاوي"[ص ٥٤٨]: (والزاني المحصن على الذمي ومثله والمرتد).
ثانيها: استثنى شيخنا الإمام البلقيني من قتل الذمي بالزاني المحصن ما إذا كان الزاني المحصن ذمياً كتابيًا وكان الذمي القاتل له ليس زانياً محصنًا ولا وجب قتله بقطع طريق ونحوه .. قال: فلا يقتل به على المعتمد به، وتعليلهم بأنه لا تسلط له على المسلم ولا حق له في الواجب عليه يدل عليه، قال: والقياس أنه لا فرق بين أن يكون القاتل كتابيًا أو مجوسيًا.