للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

القصاص إنما يقع بعد وجوبه، فإذا ماتا معًا .. فقد مات الجاني قبل وجوب قصاص النفس؛ فالحكم بأنه اقتص منه بعيد.

٤٦٨٩ - قولهم - والعبارة لـ " المنهاج " -: (وإن تأخر .. فله نصف الدية في الأصح) (١) أي: والصورة في قطع يد، فإن كانت في قطع يدين .. فلا شيء، وإن كانت في موضحة .. فتسعة أعشار دية ونصف عشرها؛ فإنه أخذ بقصاص الموضحة نصف العشر.

٤٦٩٠ - قول " المنهاج " [ص ٤٨٠]: (ولو قال مستحق يمين: " أخرجها " فأخرج يسارًا وقصد إباحتها .. فمهدرة) فيه أمور:

أحدها: لا يخفى أنه لا بد أن يكون المخرج عاقلًا؛ ويدل لذلك قوله: (وقصد إباحتها) ولهذا قال " التنبيه " [ص ٢١٩، ٢٢٠]: (وإن كان القصاص على مجنون فقال: " أخرج يمينك " فأخرج اليسار فقطعها؛ فإن كان المقتص عالمًا .. وجب عليه القصاص، وإن كان جاهلًا .. وجبت عليه الدية) وصورته: أن يجني عاقلًا ثم يُجنّ.

ثانيها: وصورته أيضًا: أن يكون حرًا، فلو كان عبدًا .. لم تهدر يساره بإباحتها قطعًا، وفي سقوط القصاص إذا كان القاطع عبدًا وجهان في "الروضة " وأصلها في مسائل الإكراه بلا ترجيح (٢).

قال شيخنا الإمام البلقيني: والأرجح: سقوطه.

ثالثها: اعتبر في " الروضة " وأصلها مع قصد إباحتها: أن يعلم أنها اليسار، وأنها لا تجزئ، وتردد شيخنا الإمام البلقيني في أن ذلك قيد لا بد منه، فيرد على " المنهاج "، أو تصوير لا يحتاج له؛ فالمعتبر: قصد الإباحة، وأما علمه بأنها تجزئ أم لا .. فلا يحتاج إليه؛ لأنه لم يجعلها قصاصًا، والأقرب عندي: الثاني، وبنى شيخنا ابن النقيب على أنه قيد، وقال: إنه يفهم مما ذكره في " المنهاج " عقبه (٣)، وفيه نظر.

رابعها: لم يتعرض لقصاص اليمين، وهو باقٍ كما كان، صرح به في "المحرر" (٤)، وقد يقال: قوله بعد الصورة التي بعدها: (ويبقى قصاص اليمين) (٥) راجع إليهما، فلم يسقطه، وهو محمول على ما إذا لم يظن القاطع إجزاءها، فإن ظن ذلك .. فالأصح: سقوطه قصاصًا، ويعدل إلى ديتها، وطردا فيما إذا علم القاطع عدم الإجزاء شرعًا، لكنه جعلها عوضًا، وهذه أولى بالسقوط.


(١) انظر " التنبيه " (ص ٢١٩)، و " الحاوي " (ص ٥٧٢)، و " المنهاج " (ص ٤٨٠).
(٢) الروضة (٩/ ٢٣٥).
(٣) انظر " السراج على نكت المنهاج " (٧/ ٢٠٦).
(٤) المحرر (ص ٣٩٩).
(٥) المنهاج (ص ٤٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>