للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

غالب إبل بلدته أو قبيلته، وهو كذلك، لكن حكى الرافعي عن أبي الفرج الزاز أنه قال: هذا لا يتحقق تصوره في تفرق الآحاد؛ فإن الواجب على الواحد منهم لا يبلغ ما يؤخذ به الإبل، وإنما يظهر التصوير إذا كان بطن في قبيلة أو بلدة وبطنٌ في أخرى (١).

قال شيخنا الإمام البلقيني: ومقتضاه: أنه عند تفرق الآحاد يتعذر رعاية غالب البلد، فيحتمل أن يراعى حينئذ غالب أقرب بلد إلى الكل، فإن تفرقوا بحيث كان لكل واحد بلد أقرب .. تعذر أيضًا رعاية أقرب البلاد، فينتقل إلى القيمة كما لو عدمت الإبل، والمصير إلى أن يؤخذ من إبل كل واحد بقدر الواجب عليه بحيث تتكثّر الأشقاص على المستحق بعيد؛ لما فيه من النقص الداخل عليه، قال: ومقتضى هذا: أنه لو كان للعاقلة إبل مختلفة وأخذنا من كل واحد الواجب عليه شقص بعير بحيث تتكثّر الأشقاص .. سقط اعتبار إبله أيضًا، قال: فأما لو تعددت الجناة في العمد وكل واحد في بلد ولا إبل له، أو كانوا في بلد ولكل واحد إبل تخالف إبل الآخر .. فهل نقول: تؤخذ الأشقاص لتعدد الجناة بخلاف العاقلة فإنها تحملت عن الجاني الواحد، أو يراعى حق المجني عليه فيؤخذ له قيمة الإبل بالكامل منهم للتعذر؟ لم أر من تعرض لهذا، والأول أرجح. انتهى.

ثالثها: أنه يدخل في ذلك بيت المال إذا انتهى الحال إليه في الدية ولم يكن له إبل .. فمقتضاه: أنه يجب منه غالب إبل البلد، ورجح شيخنا الإمام البلقيني: أن الواجب في هذه الحالة القيمة، وأن اعتبار غالب إبل البلد متعذر؛ لأن المراد ببيت المال في حق من لا وارث له إذا مات: أهل البلد الذي يموت فيه دون غيرهم، وإلى الآن لم يمت الجاني، وإذا أريد ببيت المال: جهة الإسلام .. كان اعتبار بلد بعينها دون غيرها تحكمًا.

رابعها: ذكر شيخنا الإمام البلقيني أن كل من أوجبنا عليه أن يفدي بأقل الأمرين من القيمة وأرش الجناية .. لا يقضى عليه بالإبل، فإذا كان الأقل القيمة دفعها من النقد أو الأرش .. فالخيار له إن شاء أعطى الأرش إبلًا وإن شاء أعطى بقدر الأرش من قيمة العبد نقدًا، قال: ولم أر من صرح به، ثم ذكر من كلامهم ما يدل عليه.

خامسها: أن مقتضاه: أنه إذا لم يكن له إبل يؤخذ الواجب منها لعيب فيها .. الانتقال إلى غالب إبل بلده، وليس كذلك، بل يتعين نوع إبله، وعليه تحصيله سليمًا، نص عليه في " الأم " (٢)، كذا أورده شيخنا الإمام البلقيني، وهو مخالف لما قدمناه عن مقتضى كلام " الروضة " وأصلها من تخييره بين إبله وإبل البلد (٣)، وتقدم عنه أنه ليس بمعتمد.


(١) انظر " فتح العزيز " (١٠/ ٣٢٢).
(٢) الأم (٦/ ١١٤).
(٣) فتح العزيز (١٠/ ٣٢٢، ٣٢٣)، الروضة (٩/ ٢٦٠، ٢٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>