للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال شيخنا الإمام البلقيني: الأقيس عندنا: إيجاب حكومة واحدة جامعة لهما، وفي نظير ذلك من العيوب في البيع نظر، وتظهر فائدة حكومتين وحكومة واحدة فيما لو زاد على المقدر، فعلى إيجاب حكومتين لا يحتاج إلى نقص إذا نقصت كل واحدة منهما عن المقدر، وعلى إيجاب حكومة واحدة لا بد من النقص، وأورد شيخنا المذكور على عبارة "المنهاج": المتلاحمة؛ فإنها ليست بمقدرة شرعاً دائماً، وهي كالموضحة في استتباع الشين إذا قدرنا أرشها بالنسبة إلى الموضحة على الأصح في "أصل الروضة" هنا (١)، لكن نص في "الأم" على أنه ينظر إلى الشين أيضًا (٢).

ثم قال شيخنا: فإن قيل: أراد ما قدر ولو بالنسبة إلى جرح غيره .. فلا يرد عليه هذا على طريقته .. قلنا: قوله: كموضحة ينفي هذا، ولو سكت عن التشبيه .. كان الجواب قريباً.

قلت: هذا تمثيل، فيلحق به ما في معناه، فالجواب قريب مقبول ولا إيراد.

قال شيخنا: ومثل ذلك الجراحات على البدن إذا أمكن تقديرها بجائفة بقربها، وقلنا: إنها تتقدر بالنسبة، وأوجبنا ما يقتضيه التقسيط .. فالشين تابع لا يفرد بحكومة، وإن كانت الحكومة أكثر .. فقد وفينا حق الشين.

٤٨٠٣ - قوله: (وفي نفس الرقيق قيمته، وفي غيرها ما نقص إن لم يتقدر من الحر، وإلا .. فنسبته من قيمته، وفي قول: ما نقص) (٣) فيه أمور:

أحدها: تقدم ذلك في (الغصب) بعبارة هي أوضح مما هنا، وكلامه هناك فيما إذا سبق الإتلاف يد عادية؛ ولهذا فصل في المقدر بين أن تتلف هي أو يتلفها متلف، وأما هنا .. ففي الإتلاف بلا يد عادية.

ثانيها: أن قوله: (وإلا .. فنسبته من قيمته) عبارة ملتبسة، وعبارة "المحرر": (جزء من القيمة نسبته إليها نسبة الواجب في الحر إلى الدية) (٤) ففي يديه قيمته، وفي إحداهما نصفها، وفي جفنه ربعها، وفي إصبعه عشرها، وفي موضحته نصف عشرها، وفي أنملته ثلث عشرها، وعبارة "التنبيه" [ص ٢٢٧]: (وما ضمن من الحر بالدية ضمن من العبد والأمة بالقيمة).

ثالثها: أورد شيخنا الإمام البلقيني على قوله: (ما نقص إن لم يتقدر من الحر) أن مقتضاه: إيجاب ما نقص فيما إذا لم يتقدر، لكنه تابع لمقدر كجراحة في كفه، لكن مقتضى ما صححه الرافعي والنووي في حكومة الكف في الحر: أنه لا يبلغ بها دية الأصابع (٥): أنه يجب النقص هنا


(١) الروضة (٩/ ٣١١).
(٢) الأم (٦/ ٨٤).
(٣) انظر "المنهاج" (ص ٤٨٨).
(٤) المحرر (ص ٤٠٩).
(٥) فتح العزيز (١٠/ ٣٤٩)، الروضة (٩/ ٣٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>