للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هو إلى صورة الضربات أقرب، بل أولى بالحكم فيها.

٤٨٣٣ - قول "المنهاج" [ص ٤٩٠]: (ولو عثر بقاعدٍ أو نائمٍ أو واقفٍ بالطريق، وماتا أو أحدهما .. فلا ضمان إن اتسع الطريق) تبع فيه "المحرر" (١)، وهو وهمٌ لا يعرف في غيره، والمجزوم به في "الروضة" وأصلها أن على عاقلة العاثر دية القاعد والنائم والواقف، وأما العاثر: فإنه هدر، وسواء كان القاعد أو الواقف بصيراً أو أعمى، وسواء أكان في طريق واسع كما صوره "المنهاج"، أو في ملكه أو في موات (٢)، لكن حكى شيخنا الإمام البلقيني الخلاف في ذلك، قال: بل صحح القاضي حسين والإمام والغزالي في "البسيط": أنه يهدر دم القاعد والنائم أيضاً، وإنما تجب دية الواقف، وهو ظاهر النص (٣).

٤٨٣٤ - قول "التنبيه" [ص ٢٢٢]: (وإن قعد في طريق ضيق فعثر به إنسان وماتا .. وجب على كل واحد منهما دية الآخر) الذي في "الروضة": أن المذهب المنصوص: أن دم القاعد مهدر (٤)، وعليه مشى "الحاوي" فقال في المضمون [ص ٥٤٩]: (كأن قعد فتعثر به ماشي وهدر) أي: القاعد، وبقائم عكس، لكنه أطلق هذا الكلام، ومحله: في الضيق، فإن كان واسعاً .. فبالعكس كما تقدم، وعليه مشى "المنهاج" أيضًا فقال [ص ٤٩٠]: (وإلا .. فالمذهب: إهدار قاعد ونائم لا عاثر بهما، وضمان واقف لا عاثر به) ونازع شيخنا الإمام البلقيني في أن هذا هو المذهب، وقال: لم يصححه غير البغوي (٥)، قال: والذي يعتمد عليه في ذلك نصه في "الأم"، وهو: إهدار العاثر، وضمان الواقف والقاعد والنائم (٦)، وأنه يستوي في ذلك اتساع الشارع وضيقه.

وذهب العراقيون إلى أنه إذا وقف أو قعد في طريق ضيق فعثر به إنسان وماتا .. فعلى كل واحد منهما دية الآخر، حكاه ابن الصباغ عن نصه في القديم، وقال: فأما قوله الجديد الذي نقله المزني: فدية الصادم هدر، فأكثر أصحابنا قالوا: إنما أراد: إذا كان الطريق واسعاً. انتهى.

وهذا كله إذا لم يكن من الواقف فعل، فإن كان؛ بأن انحرف إلى الماشي فأصابه في انحرافه وماتا، فهما كماشيين اصطدما .. فعلى كل واحد منهما نصف دية الآخر.

واعلم: أنا حيث قلنا في هذا الفصل: يجب الضمان .. فالمراد: أنه يتعلق الضمان بفعله، وهو مضروب على عاقلته.


(١) المحرر (ص ٤١١).
(٢) فتح العزيز (١٠/ ٤٣٣)، الروضة (٩/ ٣٢٦).
(٣) انظر "نهاية المطلب" (١٦/ ٤٨١).
(٤) الروضة (٩/ ٣٢٦).
(٥) انظر "التهذيب" (٧/ ١٨٣).
(٦) الأم (٦/ ٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>