للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ويستثنى من كلامهم: ما إذا ظهر لوث في حق جماعة .. ففي "أصل الروضة" في أول مسقطات اللوث: أنه لو قال: (القاتل أحدهم ولا أعرفه) .. فلا قسامة، وله تحليفهم، فإن حلفوا إلا واحدًا .. فنكوله يشعر بأنه القاتل، ويكون لوثأ في حقه، فإذا طلب المدعى أن يقسم عليه .. مكن منه على الأصح. انتهى (١).

فيستفاد من قوله: (وله تحليفهم) سماع الدعوي مع الإيهام؛ فإن التحليف فرع الدعوي، لكن في "المهمات" أن المذكور هناك خلاف الصحيح، وأن الرافعي قلد فيه الغزالي ذاهلًا عما تقدم، والغزالي ممن يصحح سماع الدعوى على غير معين.

٤٩١٢ - قول "المنهاج" [ص ٤٩٥]: (ويجريان في دعوي غصبٍ وسرقةٍ وإتلافٍ) ضابطه: أن يكون سبب الدعوي ينفرد به المدعي عليه، فيجهل تعيينه، بخلاف دعوي القرض والبيع وسائر المعاملات؛ لأنها تنشأ بالاختيار.

قال شيخنا الإمام البلقيني: ولو نشأت عن معاملة وكيله أو عبده المأذون وماتا، أو صدرت عن مورثه .. احتمل إجراء الخلاف للمعنى، واحتمل ألا يجري؛ لأن أصلها معلوم، قال: ولم أر من تعرض لذلك.

٤٩١٣ - قوله: (وإنما تسمع من مكلف ملتزم) (٢) لا يختص ذلك بدعوي الدم، بل يأتي في كل دعوي، وعلى ذلك مشي "الحاوي" (٣)، وأورد عليه شيخنا الإمام البلقيني أمرين:

أحدهما: أن المعاهد ليس بملتزم؛ ولهذا لا يقطع بالسرقة على الأظهر، ولا توقف في سماع دعواه بماله الذي استحقه على مسلم أو ذمي أو مستأمن مثله، ولا في دعواه دم مورثه الذمي والمستأمن.

ثانيهما: أن امتناع سماع دعوي الحربي لا يتحقق؛ لأنه إن كان مع استحقاقه لما يدعي من دم ذمي أو معاهد ورثه في حال ذمته، ثم نقض العهد، والتحق بدار الحرب، ثم جاء يطلب مستحقه .. فطلبه لذلك يؤمّنه، فتنتفي الحرابة، وإن كان لأنه لا يستحق شيئًا من ذلك .. فممنوع؛ فقد يستحقه في حال ذمته ثم ينقض العهد ويلتحق بدار الحرب، بل ويستحقه في حرابته، فإذا اقترض حربي من حربي أو اشتري منه ثم أسلم المقترض أو المشتري، أو دخل إلينا بأمان .. فالمنصوص المعتمد: أن دين الحربي باقٍ، ولو اقترض منهم مسلم في دار الحرب شيئًا أو اشتراه ليبعث إليهم ثمنه، أو أعطوه شيئًا ليبيعه بدار الإسلام ويبعث ثمنه إليهم .. لزمه ذلك،


(١) الروضة (١٠/ ١٢).
(٢) انظر "المنهاج" (ص ٤٩٥).
(٣) الحاوي (ص ٦٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>