للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

نعم؛ لو كان الشاهد فقيها وعلم القاضي أنه لا يطلقها إلا على ما يوضح العظم .. ففيه تردد للإمام (١)، وحكى شيخنا الإمام البلقيني الاكتفاء بذلك عن نص "الأم" و"المختصر" (٢)، قال: وعليه جري الجمهور، وقول الإمام: إن الإيضاح لفظ اصطلح الفقهاء عليه ممنوع؛ فهو لغوي مشهور أناط به الشرع الأحكام، فهو كصرائح الطلاق يقضي بها مع الاحتمال، فماذا شهد بأنه سرح زوجته .. قضى بطلاقها، وإن كان يحتمل أن يكون سرح رأسها.

٤٩٤٦ - قول "الحاوي" فيما يثبت برجل وامرأتين وشاهد ويمين [ص ٦٧٢]: (كموضحة عجز عن تعيينها) أي: تعيين موضعها، يثبت به المال وإن لم يثبت القصاص، عد من أفراده، والذي في "الروضة" وأصلها هنا إنما هو تصحيح ثبوت أرش الموضحة في شهادة البينة الكاملة بالإيضاح مع العجز عن تعيين موضعها، لا في شهادة البينة الناقصة لذلك، بل صرح الرافعي في أثناء التوجيه بأنه لا يكتفي بالبينة الناقصة في ذلك لإثبات الإرش، فقال: كما لو شهد رجل وامرأتان على موضحة عمدًا لا يثبت الأرش كما لا يثبت القصاص (٣).

٤٩٤٧ - قول "المنهاج" [ص ٤٩٧]: (ويثبت القتل بالسحر بإقرار لا بينة) قد يفهم أنه لا مدخل للبينة في ذلك أصلًا، لكن في "الكفاية": أن ما ينشأ عن السحر قد يثبت بالبينة؛ كان يقول: (سحرته بكذا) فيشهد عدلان من السحرة بعد توبتهما أن هذا الذي أقر أنه سحره به يقتل غالبًا.

وقال شيخنا الإمام البلقيني: يضاف إلى الإقرار ما لو قال: أمرضته بسحري ولم يمت به بل بسبب آخر، وحكى عن نص "الأم": أن للمستحق أن يقسم أنه مات منه ويأخذ الدية، ونازع فيما نقله في "الروضة" وأصلها عن نص "المختصر": أنه لوث، وفي قولهما: أنه لا بد من ثبوت أنه بقي متألمًا إلى موته، وقال: إنما يحتاج لذلك إذا قال الساحر: بريء منه، فإن لم يقل: بريء منه .. لم يحتج إلى بينة استمرار الألم به (٤).

٤٩٤٨ - قولهم - والعبارة لـ "المنهاج" هنا -: (ولو شهد لمورثه بجرح قبل اندمال .. لم يقبل، وبعده يقبل) (٥) أحسن من قول "المنهاج" في (الشهادات) في أمثلة التهمة [ص ٥٦٩]: (وبجراحة مُوَرِّثِهِ) لشموله ما بعد الاندمال، ولا يخفى أن القبول بعد الاندمال إنما هو من غير الأصول والفروع، فلا معنى لإيراده؛ لوضوحه، فلو شهد قبل الاندمال وهو محجوب عن الإرث بغيره ثم صار وارثًا قبل قضاء القاضي بشهادته .. لم يقض، وإن كان بعده .. لم يُنقض.


(١) فتح العزيز (١١/ ٥٤)، الروضة (١٠/ ٣٣)، وانظر "نهاية المطلب" (١٧/ ١٠١)، و "الوجيز" (٢/ ١٦١).
(٢) الأم (٦/ ٩٩)، مختصر المزني (ص ٢٥٤).
(٣) فتح العزيز (١١/ ٥٤)، الروضة (١٠/ ٣٣).
(٤) فتح العزيز (١١/ ٥٧)، الروضة (٩/ ٣٤٧، ٣٤٨)، وانظر "مختصر المزني" (ص ٢٥٥).
(٥) انظر "التنبيه" (ص ٢٦٩)، و"الحاوي" (ص ٦٧٠)، و"المنهاج" (ص ٤٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>