للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

في حدود الله تعالى؛ فلأنه مندوب إلى ستره، فليس له هتكه بإقامة الحد عليه بلا بينة، والسيد إنما يقيمه سرًا من غير هتك.

وقال شيخنا الإمام البلقيني: يمكن أن يقال: إن قلنا: السيد يقيم الحد استصلاحًا .. أقامه بعلمه قطعًا، وإن قلنا: ولاية .. فوجهان، والأصح: أنَّه يقيمه بعلمه. انتهى

وتبعت أولًا في إيرادي ذلك على "المنهاج" شيخنا المذكور، والحق: أنَّه لا يرد، ولا يلزم من ذكر الخلاف في سماع البينة التي هي طريق لإثبات الحد بالاتفاق منع غيرها من الطرق، والله أعلم.

٥٠٤٣ - قوله: (والرجم بمدرٍ وحجارةٍ معتدلةٍ) (١) و"الحاوي" [ص ٥٨٥]: (بحجارة معتدلة) يقتضي منع الصخرة الكبيرة والحصيات الخفيفة، وبه صرح الإمام والغزالي (٢)، وهو مقتضى كلام "الروضة" وأصلها (٣)، ومنع ذلك شيخنا الإمام البلقيني، ومال: بل يُرمى بالخفيف والثقيل على حسب ما يتفق مما يجده الرامي؛ ففي "صحيح مسلم" من حديث أبي سعيد في قصة ماعز: (فرميناه بالعظام والمدر والخزف)، قال: (فاشتد واشتددنا خلفه حتَّى أتى عُرْض الحَرَّةِ، فانتصب لنا، فرمشِاه بجلاميد الحَرَّة، يعني: الحجارة حتَّى سكت) (٤) قال شيخنا: ففيه أنهم رموه بالعظام والمدر والخزف بحسب ما وجدوا في ذلك الموضع، فلما وجدوا في الحرة الحجارة الكبار وهي الجلاميد .. رجموه بها، فدل على أنَّه لا يضيق في ذلك، وأنه بحسب ما يجده الذي يرجمه؛ وفي رواية عبدِ الرزاق عن ابن جريج: "أن ماعزًا لم يقتل حتَّى رماه عمر بلحي بعير، قام رأسه، فقتله) (٥) وفي رواية للبيهقي: (أن عبدِ الله بنُ أنيس رماه بوظيف حمار أي: وهو مستدق الذراع والساق فصرعه، ورماه الناس حتَّى قتلوه) (٦) وفي "صحيح مسلم": (أن خالد بنُ الوليد رمى رأس الغامدية بحجر فنضح الدم على وجهه) (٧) قال: ولعل الإمام أراد: البداءة بالصخرة الكبيرة والاستمرار على الرمي بالحصيات الخفيفة.

٥٠٤٤ - قول "التنبيه" [ص ٢٤٣]: (وإن ثبت الحد بالبينة .. استحب أن تُحفر له حفيرة) المشهور: الجزم بأنه لا يحفر للرجل، والخلاف إنما هو في المرأة، والصحيح فيها: هذا


(١) انظر "المنهاج" (ص ٥٠٤).
(٢) انظر "نهاية المطلب" (١٧/ ١٨٩، ١٩٠)، و "الوجيز" (٢/ ١٦٩).
(٣) فتح العزيز (١١/ ١٥٦)، الروضة (١٠/ ٩٩).
(٤) صحيح مسلم (١٦٩٤).
(٥) مصنف عبدِ الرزاق (١٣٣٣٩).
(٦) سنن البيهقي الكبرى (١٦٧٣٥).
(٧) صحيح مسلم (١٦٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>