للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

محرزة، ولو لم يبلغ صوته جميعها .. ففي "المهذب" وغيره: أن ما لم يبلغه صوته غير محرز (١)، وسكت آخرون عن اعتبار الصوت اكتفاء بالنظر؛ لأنه إذا قصد ما يراه .. أمكنه العدو إليه، وفي "الشرح الصغير": الأشبه الاكتفاء بالرؤية.

قال شيخنا الإمام البلقيني: ويخرج من هذا الكلام اعتبار أن تكون الإبل في موضع بحيث يمكنه العدو إلى قاصدها لياخذ منها ودفعه عن مقصوده، والخيل والبغال والحمير في المرعى كالإبل، وكذا الغنم إذا ارتفع الراعي بحيث يراها ويبلغها صوته وإن تفرقت؛ ولهذا عبر "الحاوي" بالماشية (٢).

٥٠٨٢ - قول "المنهاج" [ص ٥٠٨]: (ومقطورة يُشترط التفات قائدها إليها كل ساعة بحيث يراها، وألا يزيد قطار على تسعة) فيه أمور:

أحدها: لم يذكر "الحاوي" اشتراط التفاته كل ساعة، وقال شيخنا الإمام البلقيني: لم يعتبره الشَّافعي رضي الله عنه، وهو مشق على القائد، فلا يعتبر، ويكفي في خوف السارق أن يتوقع التفاته، فيمتنع لهذا التوقع.

ثانيها: وبتقدير اعتباره .. فيستثنى منه: ما إذ كان في ممر الناس من الأسواق وغيرها .. فيكفي في إحرازه رؤية الناس، ولا يحتاج لالتفات، كما صرح به في "النهاية" (٣).

ثالثها: اعتبار تسعة بتقديم التاء مشى عليه "الحاوي" أيضًا (٤)، وفي "مشكل الوسيط" لابن الصلاح: أن الأصح: أنَّه سبعة بسين ثم باء موحدة، وعليه أهل العرف (٥)، والأصح في "أصل الروضة": توسط ذكره السرخسي: أنَّه في الصحراء لا يتقيد القطار بعدد، وفي العمران تعتبر العادة، وهي من سبعة إلى عشرة، فإن زاد .. فالزِّيادة غير محرزة (٦).

وقال شيخنا الإمام البلقيني: لم يعتبر ذلك الشَّافعي رضي الله عنه في شيء من كتبه ولا جمع كثير من الأصحاب منهم الشيخ أَبو حامد وأتباعه، وقال القاضي حسين: ولو كان في فضاء مستو وطول القطار وجرت العادة بالواحد يفعل ذلك .. فذلك حرز لها، وقال الماوردي: الأغلب أنَّه يكون في ثلاثة من الإبل، فإن تجاوزت .. فإلى أربعة، وغايته خمسة إن كان في الجمال فضل جلد وشهامة (٧).


(١) المهذب (٢/ ٢٧٩).
(٢) الحاوي (ص ٥٨٨).
(٣) نهاية المطلب (١٧/ ٢٣٠).
(٤) الحاوي (ص ٥٨٨).
(٥) مشكل الوسيط (٦/ ٤٦٩).
(٦) الروضة (١٠/ ١٢٨، ١٢٩).
(٧) انظر "الحاوي الكبير" (١٣/ ٢٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>