للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثانيهما: لو استعمله المستعير في غير المأذون فيه؛ كأن استعار للزرع، فغرس، فسرق المعير من الغراس .. لم يقطع على الأصح كما تقدم في صورة المؤجر.

واعلم: أن في معنى دوام الإجارة والعارية: ما إذا انقضتا لكن لم يتمكن المستأجر والمعير من الانتقال والتفريغ، فاما بعد التمكن والتفريط في الانتقال .. فلا قطع على المالك في الأصح؛ لأنهما صارا غاصبين، فدخل ذلك في قولهم: (ولو غصب حرزًا .. لم يقطع مالكه).

٥٠٩٢ - قول "التنبيه" [ص ٢٤٦]: (وإن سرق المغصوب منه من مال الغاصب من الحرز المغصوب، أو المسروق منه من مال السارق .. فقد قيل: يقطع، وقيل: لا يقطع) الأصح: أنَّه لا يقطع، وبه جزم "المنهاج" و"الحاوي" (١)، وقال في "الكفاية": إنه الذي أورده الماوردي والقاضي أَبو الطيب والبندنيجي وابن الصباغ والفوراني والإمام وصاحب "الكافي" والرافعي، وادعى الإمام أنَّه مما لا شك فيه، ولم أر ما يخالفه في شيء مما وقفت عليه. انتهى (٢)

قال في "التوشيح": ولك أن تقول: تصريح الشيخ بحكايته وجهًا كاف، وقد أتى النووي في "التصحيح" بلفظ: أن الأصح: عدم القطع؛ فدل على أن مقابله وجه، ولو كان مجزومًا به .. لقال: الصواب. انتهى (٣).

وفهم من تقييد "التنبيه" محل الخلاف بأن يكون السارق المغصوب منه: أنَّه لو كان السارق أجنبيًا .. قطع قطعًا، وليس كذلك، بل هذه الصورة الثانية هي محل الخلاف في كلام الرافعي والنووي، والأصح فيها في "المنهاج": أنَّه لا قطع، وعليه مشى "الحاوي" (٤).

٥٠٩٣ - قول "المنهاج" [ص ٥٠٨]- والعبارة له - و"الحاوي" [ص ٥٨٧]: (ولو غصب مالًا وأحرزه بحرزه فسرق المالك منه مال الغاصب .. فلا قطع في الأصح) قال شيخنا الإمام البلقيني: ليس بالأصح، والأصح: أنَّه يقطع؛ لئلا يؤدي إلى أن من غصب من شخص فلسًا ووضعه في حرزه الذي فيه النقود والحلي .. أن المالك يسرق جميع ما هنالك ولا يقطع، وهذا خرق عظيم، لا يصار إليه ولا يعول عليه؛ ويؤيده ما في "أصل الروضة": أن صاحب الدين إذا أخذ مقدارًا لا بقصد استيفاء الحق مع جحد المديون أو مطله .. قطع على الأصح (٥)، وأن الراهن أو المؤجر أو المعير أو المودع أو مالك القراض لو سرق مع مال نفسه نصابًا آخر لزمه القطع (٦)، وأما ما صححه


(١) الحاوي (ص ٥٨٧)، المنهاج (ص ٥٠٨).
(٢) انظر "نهاية المطلب" (١٧/ ٢٤٩)، و"الحاوي الكبير" (١٣/ ١٢٣)، و"فتح العزيز" (١١/ ٢٠٩).
(٣) تصحيح التنبيه (٢/ ٢٤٠).
(٤) الحاوي (ص ٥٨٧)، المنهاج (ص ٥٠٨).
(٥) الروضة (١٠/ ١١٩).
(٦) الروضة (١٠/ ١١٣، ١١٤)

<<  <  ج: ص:  >  >>