للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

سقط برجوعه، وشرحه الماوردي على أنَّ المراد: الجهل بوجوب الحد، واستبعده شيخنا الإمام البلقيني، ثم أورد على نفسه: أن الفرق بين الجاهل بجواز الرجوع وعدمه وجه ضعيف، وقد ذكره في "الشرح" و"الروضة" ثالث الأوجه (١)، ثم أجاب عنه: بأنه ضعيف في طريقة الإمام الذي تحكي ثلاثة أوجه، وينقل عن الجمهور أنَّه لا يعزض بعد الإقرار، وأما في الطريقة التي حكاها الرافعي عن عامة الأصحاب .. فإنه متعين فيها، ولزم من إسقاطه هذا القيد في "الروضة" عن عامة الأصحاب أن يكون الثالث ضعيفًا مطلقًا، وليس كذلك، بل هو ضعيف في طريقة الإمام، وهو المجزوم به في طريقة غيره.

واعلم: أنَّه يستثنى من التعريض بالإنكار قبل الاعتراف ما إذا كان ذلك في سرقة ادعاها صاحبها .. فلا يعرّض بالإنكار المطلق، بل بالإنكار المقتضي لعدم القطع خاصة، حكاه القاضي حسين عن الأصحاب، ولا يخفى أن محله: في الرشيد؛ فإن السفيه لا يقبل اعترافه بالنسبة إلى المال.

٥١٢٠ - قول "المنهاج" [ص ٥٠٩]: (ولا يقول: "ارجع") يُوهم أنَّه من تتمة ما قال: إنه الصحيح، وليس كذلك، بل هو مجزوم به في الرافعي وغيره (٢)، وقول "التنبيه" في (الإقرار) [ص ٢٧٤]: (ويستحب للإمام أن يلقنه الرجوع عن ذلك) أراد به: التعريض دون التصريح، ومع ذلك: فالأصح: أنَّه لا يستحب، وإنَّما يباح خاصة كما تقدم عن "المنهاج" وغيره، وهل يجوز التعريض للشهود بالتوقف في حدود الله تعالى؛ صحح النووي: الجواز إن رأى المصلحة فيه، وإلا .. فلا (٣).

٥١٢١ - قولهم - والعبارة لـ"المنهاج" -: (ولو أقر بلا دعوى أنَّه سرق مال زيدٍ الغائب .. لم يقطع في الحال، بل ينتظر حضوره في الأصح) (٤) استثنى منه شيخنا الإمام البلقيني: ما إذا كان الغائب سفيهًا .. فإنه لا ينتظر حضوره؛ لأنه لو اعترف بأنه أباحه له .. لم يؤثر، وإذا طلب وليه المال .. قطع، وقال: هذا هو الذي تقتضيه القواعد، واحتمال إسقاط القطع بإباحة السفيه بعيد، قال: وأما ما في "الروضة" وأصلها عن ابن كج من انتظار بلوغ الصبي وإفاقة المجنون عند سرقة مالهما: إذا انتظرنا حضور الغائب (٥)، فهو غير معتمد؛ لتعذر الإباحة منهما، فيكفي طلب الولي، وتختص عبارة "المنهاج" بأمور:

أحدها: أنَّه لا معنى لقوله: (بلا دعوى) فلو تقدم إقراره دعوى حِسبة إذا سمعناها كما قاله


(١) فتح العزيز (١١/ ٢٣٣)، الروضة (١٠/ ١٤٥).
(٢) انظر فتح العزيز" (١١/ ٢٣٣).
(٣) انظر "الروضة" (١٠/ ١٤٥).
(٤) انظر "التنبيه" (ص ٢٤٦)، و "الحاوي" (ص ٥٩١)، و"المنهاج" (ص ٥١٠).
(٥) فتح العزيز (١١/ ٢٤١)، الروضة (١٠/ ١٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>