للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

معتمد القوة في المغالبة بالبُعد عن الغوث) فذكر وصفين، وأهمل التكليف والتزام الأحكام، كأنه لوضوحهما، وعبارة "التنبيه" [ص ٢٤٧]: (من شهر السلاح وأخاف السبيل في مصر أو غيره) فكأنه أشار للقوة وفقد الغوث بإخافة السبيل، وسكت عن التكليف والالتزام؛ لوضوحه، وعبارة "أصل الروضة": ولا يشترط شهر السلاح، بل الخارجون بالعصي والحجارة قطاع؛ لأنها تأتي على النفس كالمحدد، وذكر الإمام أنَّه يكتفي بالوكز والضرب بجمع الكف، وفي "التهذيب" نحوه: وكلام جماعة يقتضي أنَّه لا بد من آلة (١).

واعلم: أن "المنهاج" لم يفصح عن المقصود، فليس كل مسلم مكلف له شوكة فاقد غوث قاطع طريق، بل لا بد مع ذلك من إخافته السبيل كما صرح به "التنبيه"، وأشار إليه "الحاوي" بقوله [ص ٥٩٣]: (معتمد القوة في المغالبة)، وعبارة "أصل الروضة" لما تكلم على الشّركة: قطاع الطَّرِيقِ: طائفة مترصدون في المكامن للرفقة، فإذا رأوهم .. برزوا قاصدين الأموال (٢).

وقال شيخنا الإمام البلقيني: ظاهره اعتبار قصد الأموال في حدهم، وبه صرح بعضهم، ولكن الظاهر مما ذكروه في الخوارج: أن العبرة بإخافة السبيل بقصد أخذ المال "فقد ذكروا أنهم إذا قاتلوا .. فلهم حكم قطاع الطَّرِيقِ، وقالوا فيما إذا بعث إليهم الإمام واليًا فقتلوه: فعليهم القصاص، وهل يتحتم قتل قاتله كقاطع الطَّرِيقِ؛ لأنه شهر السلاح، أم لا؛ لأنه لم يقصد إخافة السبيل؟ وجهان، وصحح النووي من زيادته: أنَّه لا يتحتم (٣).

قلت: ويشهد لذلك ما حكاه الرافعي عن أبي منصور بنُ مهران: أن الغالب أن قاطع الطَّرِيقِ يقصد المال أو النفس لعداوة اشتدت بين قوم وقوم (٤).

٥١٣٦ - قول "المنهاج" [ص ٥١١]: (والذين يغلبون شرذمة بقوتهم قطاع في حقهم، لا لقافلة عظيمة) يفهم أنَّه لو تساوت الفرقتان .. لم يكن لهم حكم القطاع، والأصح في "الروضة" وأصلها: خلافه (٥).

وقال شيخنا الإمام البلقيني: الذي ظهر لنا والله أعلم من الكتاب والسنة وكلام الشَّافعي وأصحابه ومقتضى العادة: أنَّه متى كان احتمال غلبة قطاع الطَّرِيقِ ممكنًا إمكانًا غير نادر .. كان كافيًا في إثبات هذه العقوبات في حقهم، ولا يشترط القطع بغلبتهم، ولا غلبة الظن؛ لأن إخافة السبيل قائمة في هذه الحالة وعليها المدار، قال: ولم أر من حرر هذا الموضع.


(١) الروضة (١٠/ ١٥٥، ١٥٦)، وانظر "نهاية المطلب" (١٧/ ٢٩٩)، و"التهذيب" (٧/ ٤٠٠).
(٢) الروضة (١٠/ ١٥٤).
(٣) انظر "الروضة" (١٠/ ٥١).
(٤) انظر "فتح العزيز" (١١/ ٢٦٤).
(٥) فتح العزيز (١١/ ٢٤٩)، الروضة (١٠/ ١٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>