للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الإمام البلقيني: انفرد بذلك البغوي (١)، ولم ينص عليه الشَّافعي؛ ولا ذكر له في كتب الطريقين، والذي يقتضيه كلام الشَّافعي: أنَّه يقتل بالسيف، ولا نظر إلى المماثلة؛ لأن المماثلة إنما تعتبر في القصاص المحض الذي يتخير فيه الولي بين القتل والعفو، وهذا متحتم، فكان بالسيف كالمرتد، ولو راعينا المماثلة .. لزم أنَّه إذا حرقه وأخذ ماله .. حرق وفات الصلب، وأيضًا فالمماثلة لاختيار الولي؛ فيلزم تأخير القتل إلى بلوغ الصبي وإفاقة المجنون وحضور الغائب، وليس ذلك بمعتبر قطعًا، ولم يصح في قصة العرنيين أنهم إنما سملت أعينهم؛ لسملهم أعين الرعاء، وعلى طريقة البغوي: فلا يتعين فعل مثله؛ فللإمام العدول للقتل بالسيف كالولي الخاص، وقد تفهم عبارة "المنهاج" خلافه.

٥١٥٠ - قول "التنبيه" [ص ٢٤٧]: (وإن جنى قاطع الطَّرِيقِ جناية توجب القصاص فيما دون النفس .. ففيه قولان، أحدهما: يتحتم القصاص، والثاني: لا يتحتم) الأظهر: الثاني كما في "المنهاج"، وعليه مشى "الحاوي" (٢)، وعبر النووي في "تصحيحه" بقوله: لم يتحتم القتل (٣)، قال شيخنا الإسنوي: وهو غلط (٤).

قلت: لا يخفى أن مراده: القصاص؛ فإنه لا مجال للقتل الحقيقي هنا، وفي بعض نسخ "التصحيح": (لم يتحتم) بدون ذكر القتل، وفيه ضمير يعود على القصاص، وأورد شيخنا الإمام البلقيني على "المنهاج" أمورًا:

أحدها: أنَّه قال: (ولو جرح فاندمل) (٥) لكنه في "الروضة" وأصلها حكى عن ابن الصباغ إجراء القولين فيما لو قطع يده ثم قتله قبل الاندمال (٦)، لكن تعقبه شيخنا من جهة أن قضية عدم التحتم تخيير الولي في اليد بين قطعها والعفو، وأخذ ديتها وانتظار بلوغه وعقله وحضوره، وهو بعيد، قال: والذي ينطبق عليه كلام الأصحاب في الطريقين اعتبار الاندمال.

ثانيها: أنَّه قال: (لم يتحتم قصاص)، وصوابه: لم يتحتم الجرح.

قلت: وكذا عبر "التنبيه" بالقصاص (٧)، وأراد به: قصاص الجرح، فلا إيراد.

ثالثها: أن تعبيره بالأظهر يقتضي قوة الخلاف، وهو ضعيف منكر لم أقف عليه في شيء من


(١) انظر "التهذيب" (٧/ ٤٠٧).
(٢) الحاوي (ص ٥٩٤)، المنهاج (ص ٥١٢).
(٣) تصحيح التنبيه (٢/ ٢٤٥).
(٤) انظر " تذكرة النبيه" (٣/ ٤٨٢).
(٥) المنهاج (ص ٥١٢).
(٦) فتح العزيز (١١/ ٢٦٤، ٢٦٥)، الروضة (١٠/ ١٦١، ١٦٢).
(٧) التنبيه (ص ٢٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>