للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

واعترضه في "المهمات": بأنه إنما يوالي في القصاص إذا كان لواحد دون ما إذا كان لجماعة كما هو نظير مسألتنا؛ فإنه لا يوالي؛ لأنه لم يجتمع خطر القطعين على واحد حتَّى يقابل بمثله، ذكره الرافعي قبل العفو عن القصاص (١)، وأسقطه في "الروضة".

وقال شيخنا الإمام البلقيني: نقله ذلك عن البغوي وغيره قصور؛ فقد نص عليه الشَّافعي فيما إذا قال: يا زانية بنت الزانية، فقال: ولو طالبتا جميعًا .. حُدّ للأم مكانه، وقيل: له الْتَعِن لامرأتك، فإن لم يلتعن .. حبس حتَّى يبرأ جلده، فإذا برأ .. حُد، إلَّا أن يلتعن (٢).

وفرّق الماوردي بين الحد والقطع بفرقين:

أحدهما: أن الحد مقدر بالشرع .. فوجب الوقوف عليه؛ لئلا يختلط بزيادة، والقصاص مقدر بالجناية .. فجاز الجمع بينهما؛ لأنه لا يختلط بزيادة.

والثاني: أنَّه جمع بين القصاصين؛ لأنهما يجتمعان في حق شخص واحد، ولم يجمع بين الحدين؛ لأنهما لا يجتمعان في حق شخص واحد (٣).

وضعف شيخنا الفرقين، وفرق: بأن جناية القاطع إتلاف، فأتلف عليه من غير تأخير، وجناية القاذف إيذاء فلم يحد إلَّا متفرقًا. انتهى.

وقد عرفت أن حكم المسألتين عند اختلاف المستحق مستوٍ، فلا حاجة لهذه الفروق، والله أعلم.

٥١٦٠ - قوله: (ثم الأسبق) (٤) يقتضي أنَّه إذا قذف جماعة مرتبًا .. حد للأول فالأول، وقد ذكر ذلك في "الروضة" وأصلها بحثًا (٥)، وقال شيخنا الإمام البلقيني: كأنه لم يقف على نقل في ذلك، وهو موجود في كثير من التصانيف، قال: ويستثنى منه: ما إذا كان حد الأول قابلًا لإسقاطه باللعان .. فلا يتقدم على النص المعتمد السابق في تقديم حد الأم على البنت.

٥١٦١ - قول "المنهاج" [ص ٥١٢]: (ولو اجتمع حدود لله تعالى .. قدم الأخف فالأخف) داخل في قول "الحاوي" [ص ٥٩٤]: (ثم الأخف) لتناول عبارة "الحاوي" حقوق الآدميين أيضًا، وفصله "التنبيه" بقوله [ص ٢٤٨]: (فيبدأ بحد الشرب، ثم يجلد في الزنا، ثم يقطع في السرقة) وقد يفهم كلامه قطعه قبل التغريب، وقال في "الكفاية": ولم أر لأصحابنا تعرضًا له.

٥١٦٢ - قول "التنبيه" [ص ٢٤٨]: (وإن اجتمع قطع السرقة وقطع المحاربة .. قطعت يده اليمنى


(١) انظر "فتح العزيز" (١٠/ ٢٧٠).
(٢) انظر "الأم" (٥/ ٢٨٨).
(٣) انظر "الحاوي الكبير" (١١/ ٤٠).
(٤) انظر "الحاوي" (ص ٥٩٤، ٥٩٥).
(٥) فتح العزيز (١١/ ٢٦٨)، الروضة (١٠/ ١٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>