للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لكن مال شيخنا الإمام البلقيني إلى وجوب القصاص فيما إذا كان الخوف في القطع أكثر، وحكاه عن جزم الماوردي في غير الإمام؛ كالأمير والقاضي، وحكى فيما إذا كان إمامًا وجهين (١)، ومقتضى فرضه المسألة في السلطان: أن الأب والجد ليسا كذلك؛ إما لانتفاء الدية؛ أو لأنها على العاقلة، وليس كذلك، بل لو فعلا الممنوع .. فالدية عليهما في مالهما؛ فلا معنى لتقييد ذلك بالسلطان، وذكر الماوردي أن محل الخلاف فيما إذا كان ترك القطع أخوف، وقد عرفت أن الخلاف في ضمان الوصي قولان في "التنبيه"، وتقدم من كلام شيخنا حكاية وجهين من كلام الماوردي، والله أعلم.

٥٢١٠ - قول "التنبيه" في العاقلة [ص ٢٢٨]: (وما يجب بخطأ الإمام .. فهو في بيت المال في أحد القولين، وعلى عاقلته في الآخر) الأظهر: الثاني، ومحل الخلاف: فيما إذا وجب بخطئه في الأحكام، وعليه مشى "الحاوي" و"المنهاج" (٢)، لكن تعبيره بقوله: (وما وجب بخطأ الإمام في حد أو حكم) (٣) يخرج التعزير، وذكر شيخنا الإمام البلقيني أن مذهب الشَّافعي: القطع بانه على العاقلة، وقال: لم أجد له إثبات قولين في ذلك؛ فإثباتهما ضعيف، وإن جرى عليه جمع كثير من الأصحاب، ومحل الخلاف أيضًا: فيما إذا لم يسرف المعزر، ولا ظهر منه قصد القتل، فإن كان كذلك .. تعلق به القصاص، والدية المغلظة في ماله.

٥٢١١ - قول "الحاوي" [ص ٥٩٧]: (وما لم يَجُزْ كالحكم بعبدين بتقصير) هو أعم من قول "المنهاج" [ص ٥١٦]: (ولو حده بشاهدين فبانا عبدين أو ذميين أو مراهقين؛ فإن قصَّر في اختبارهما .. فالضمان عليه) لأنه يدخل فيما لم يجز ما إذا بانا عدوين للمشهود عليه أو أصلين أو فرعين للمشهود له أو امرأتين أو فاسقين أو تبين أحدهما فقط بهذه الصفة أو حده في الزنا بأربعة فبانوا أو بعضهم كذلك؛ فعبارة "المنهاج" طويلة غير مستوعبة، ولو عبر بالكافرين .. لكان أعم؛ فالحربي في ذلك كالذميّ، إلَّا فيما يتعلق بالخلاف في التضمين؛ فإنه يجري في المستأمن دون الحربي الذي لا أمان له، فلو بأن أن الطالب للحد أصل للحاكم أو فرع له، وقد أقر المدعى عليه أو قامت البينة المعتبرة .. فقال شيخنا الإمام البلقيني: الذي يظهر والله أعلم أنَّه لا يتعلق بالحاكم من ذلك ضمان؛ لأن شأن الحاكم البحث عن الشهود، وليس من شانه البحث عن الخصم بالنسبة لما يندر ولا يخطر بباله من كون الخصم أصلًا للحاكم أو فرعًا له.

وذكر شيخنا أيضًا: أن الذي نص عليه الشَّافعي أن كون الضمان عليه إنما هو فيما إذا تعمد،


(١) انظر "الحاوي الكبير" (١٣/ ٤٢٩).
(٢) الحاوي (ص ٥٩٧)، المنهاج (ص ٥١٦).
(٣) المنهاج (ص ٥١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>