للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قلت: لم يجوز الإمام في اختياره تمكينهم من دار الإسلام، بل قال: إنه فرض كفاية يجب القيام به، وإنما نفى كونه فرض عين، وعلى الأول مشى "الحاوي" فقال [ص ٦٠٩]: (ولو خراب الإسلام) فلو صار بينهم وبين بلاد الإسلام دون مسافة القصر .. فقال الماوردي: يتعين فرض القتال على أهل الثغر (١)، ومنعه شيخنا في "تصحيح المنهاج"، وقال: الأرجح: بقاء فرض الكفاية، ونازع شيخنا المذكور في أصل هذا الحكم، وقال: جرى نحو ذلك غزوة الأحزاب، ولم ينقل فيها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أعلم كل وأحد من أهل المدينة بتعين الجهاد عليه، وإنما الحال مستمر على فرض الكفاية، وأطلق الشافعي أن الجهاد فرض كفاية، ولم يستثن من ذلك إلَاّ حالة الزحف التي يحرم فيها الفرار، وقال فيما لو غزا المشركون بلاد المسلمين: لا يضيق على المسلمين أن يتحصنوا من العدو وإن كانوا قاهرين للعدو، وفيما يرون إذا ظنوا ذلك أزيد في قوتهم ما لم يكن العدو يتناول من المسلمين أو أموالهم شيئاً في تحصنهم عنهم، قال شيخنا: وهذا يخالف القول بأن الجهاد صار فرض عين، والمذهب المعتمد ما نص عليه صاحب المذهب، وبه صرح القفال، فقال في هذه الصورة: فإن قامت به طائفة". سقط الفرض عن الباقين، وإن لم يقم به أحد .. خرجوا أجمعين.

٥٢٥٧ - قول "المنهاج" في هذه الحالة [ص ٥١٩]: (فإن أمكن تأهب لقتال .. وجب الممكن حتى على الفقير وولدٍ ومَدِين وعبد بلا إذن) و "الحاوي" [ص ٦٠٩]: (فرض على كل قوي، وزال الحجر) ثم قال "المنهاج" [ص ٥١٩]: (وقيل: إن حصلت مقاومة بأحرار .. اشترط إذن سيده) وقال شيخنا في "تصحيح المنهاج": هذا الذي ضعفه هو المعتمد في الفتوى، وهو مقتضى نص الشافعي؛ فإنه جعل تولي المسلمين لو غزاهم المشركون كتولي المسلمين من الزحف، ولم يجعل العبد الغازي بغير إذن سيده آثماً بالتولي من الزحف؛ فلذلك لا يتوجه إليه الخطاب فيما إذا وطئ الكفار بلاد الإسلام وأمكنت المقاومة بالأحرار، قال: وهذان الوجهان لم أرهما إلا في "النهاية" بلا ترجيح (٢)، وقال الرافعي فيما رجحه: إنه أليق بفقه الباب وأشبه (٣)، قال شيخنا: وهو ممنوع؛ فالأليق بفقه الباب والأشبه: أنه لا يتوجه الخطاب للعبيد في هذه الحالة؛ لقيام الأحرار بالمطلوب، ولا سيما وقد نص الشافعي على ذلك فوجب اطراح ما يخالفه، ولا ينبغي أن يعد وجهًا.

٥٢٥٨ - قول "المنهاج" [ص ٥١٩]: (وإلا؛ فمن قُصِدَ .. دَفَعَ عن نفسه بالممكن إن علم أنه إن أخذ قتل، وإن جوز الأسر .. فله أن يستسلم) محله في الرجل، فأما المرأة إذا علمت امتداد اليد


(١) انظر "الحاوي الكبير" (١٤/ ١٤٤).
(٢) نهاية المطلب (١٧/ ٤٢٩، ٤٣٠).
(٣) انظر "فتح العزيز" (١١/ ٣٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>