للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥٢٧٨ - قول "التنبيه" [ص ٢٣٢، ٢٣٣]: (وإن تترسوا بهم - أي: بأسارى المسلمين - في حال القتال .. لم يمتنع من قتالهم، غير أنه يتجنب أن يصيبهم) محله: فيما إذا دعت إليه ضرورة؛ ولذلك قال "المنهاج" [ص ٥٢٠]: (وإن تترسوا بمسلمين؛ فإن لم ندع ضرورة إلى رميهم .. تركناهم، وإلا .. جاز رميهم في الأصح) وتعبيره بالأصح يقتضي قوة الخلاف، وأنه وجهان، وليس كذلك؛ فالتجويز هو نص "الأم" و"المختصر" (١)، وقد عبر في "الروضة" بالصحيح المنصوص (٢)، وعبارة "الحاوي" [ص ٦٠٦]: (وإن تترسوا بالمسلمين في الصف ولو تركوا انهزمنا، لا كافر بمسلم .. ضُرب الترس) فقيد الجواز بأن يكونوا لو تركوا .. انهزمنا، وهي صورة الضرورة، واستثنى من ذلك مسألة، وهي: ما لو تترس كافر بمسلم .. فلا يجوز قتل المسلم، قال في "الوجيز": وإن خفنا على أنفسنا؛ فإن دم المسلم لا يباح بالخوف (٣)، وأراد به: ما إذا لم يعم الخوف، وإلا .. يلزم من الكف مفسدة كلية، واحترز بقوله: (في الصف) عما إذا تترسوا بهم في نحو قلعة عند محاصرتها .. فلا نرمي الترس؛ لأنا في غنية عن فتحها.

٥٢٧٩ - قول "المنهاج" [ص ٥٢٠]: (ويحرم الانصراف عن الصف إذا لم يزد عدد الكفار على مثْلَيْنَا إلا متحرفاً لقتال أو متحيزاً إلى فئة) فيه أمور:

أحدها: أن التعبير بالانصراف عن الصف هو كذلك في"الحاوي" (٤)، ومقتضاه: أنه لو لقي مسلم مشركين .. فله الانصراف مطلقًا؛ إذ لا صف، وهو كذلك في "الروضة" وأصلها، قال: إن طلباه .. فله الفرار، وإن طلبهما .. فهل له أن يولي بعد ذلك؛ وجهان، أصحهما: نعم؛ لأن فرض الجهاد والثبات إنما هو في الجماعة، وحكاه الرافعي عن تصحيح "البحر" (٥).

وقال الماوردي: إنه الظاهر من مذهب الشافعي (٦)، لكن قول "التنبيه" [ص ٢٣٣]: (وليس للمسلم أن ينصرف عن اثنين إلا متحرفاً لقتال أو متحيزاً إلى فئة) يقتضي منع الفرار في هذه الصورة، وقال شيخنا في "تصحيح المنهاج"؛ إنه الأظهر بمقتضى نص الشافعي في "مختصر المزني" فإنه حكى عن ابن عباس: أن من فرّ من ثلاثة .. فلم يفز، ومن فر من اثنين .. فقد فرّ، ثم قال الشافعي: هذا مثل معنى التنزيل، فإذا فرّ الواحد من الاثنين .. فأقل، وساق الكلام على ذلك (٧).


(١) الأم (٤/ ٢٤٤)، مختصر المزني (ص ٢٧١).
(٢) الروضة (١٠/ ٢٤٦).
(٣) الوجيز (٢/ ١٩١).
(٤) الحاوي (ص ٦٠٦).
(٥) فتح العزيز (١١/ ٤٠٥، ٤٠٦)، الروضة (١٠/ ٢٤٩).
(٦) انظر "الحاوي الكبير" (١٤/ ١٨١).
(٧) مختصر المزني (ص ٢٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>