للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثالثها: إذا نزل أهل قلعة على حكم حاكم فحكم بالقتل أو الإرقاق .. لم يجب تقريرهم بالجزية لو طلبوا، وهل للإمام تقريرهم؟ تردد فيه شيخنا، وقال: لم أره منقولًا، والأرجح هنا: الجواز؛ لأنهم في قوة؛ بدليل أنهم إذا لم يتم الأمر .. يردون إلى قلعتهم.

٥٣٧٧ - قوله: (ولا تعقد إلا لليهود والنصارى والمجوس وأولاد من تهود أو تنصر قبل النسخ أو شككنا في وقته) (١) فيه أمور:

أحدها: اعترضه شيخنا في "تصحيح المنهاج": بأنه كلام لا يظهر منه المقصود، وصواب العبارة: (ولا تُعقد إلا ليهودي أو نصراني أو مجوسي إن دخل هو أو أحد أصوله في التهود أو التنصر قبل النسخ ... إلى آخره) وعبارة "التنبيه" مثلها؛ فإنه قال [ص ٢٣٧]: (ويجوز أن يعقد لليهود والنصارى والمجوس ولمن دخل في دين اليهود والنصارى ولم يعلم هل دخل قبل النسخ والتبديل أو بعده) بخلاف عبارة "الحاوي" فإنه قال [ص ٦١٥]: (زعم التمسك بكتاب كالمجوس لم يعلم اختيار (٢) جده حين نُسِخ) فجعل ذلك قيداً لا معطوفاً على ما تقدم.

ثانيها: يرد عليهم جميعًا: إذا تهود الأصل أو تنصر قبل النسخ لكن انتقلت ذريته عن دين أهل الكتاب بعد نزول القرآن أو قبله .. فلا تعقد لهم جزية كما نص عليه في "الأم" (٣).

ثالثها: دخل في تعبير "المنهاج" بالأولاد و"الحاوي" (بالجد) ما إذا كان الداخل في التهود أو التنصر قبل النسخ أباً له أو أماً، وهو مقتضى قول "المنهاج" الآتي [ص ٥٢٥]: (ومن أحد أبويه كتابي والآخر وثني على المذهب) لكن عبارة "الروضة" وأصلها: دخل آباؤهم (٤)، وهكذا في نص الشافعي (٥)، ومقتضاه: أنه لو دخل الأب في التنصر بعد النسخ ودخلت الأم فيه قبله .. لم يقر المتولد منهما بالجزية، وقال شيخنا في "تصحيح المنهاج": إنه المعتمد في الفتوى.

رابعها: لم يذكر "التنبيه" و "المنهاج" إلا التهود والتنصر قبل النسخ دون التمجس؛ لأنه لم ينتقل أحد من العرب إلى المجوسية، ولو ذكر ليعرف حكمه .. لكان أحسن، وقد تناولته عبارة "الحاوي" المتقدمة، وعبارة الشافعي رضي الله عنه تتناوله أيضاً.

خامسها: ذكر شيخنا في "تصحيح المنهاج" أن الشافعي رحمه الله إنما علق ذلك على نزول الفرقان لا على النسخ، وهو المعتمد؛ لتأخر النسخ في الأحكام عن البعثة.

سادسها: ظاهر قولهم: (بعد النسخ) أن التهود بعد بعثة عيسى عليه السلام لا يقر بالجزية،


(١) انظر "المنهاج" (ص ٥٢٥).
(٢) في "الحاوي": (اختار).
(٣) الأم (٤/ ١٧٥).
(٤) فتح العزيز (١١/ ٥٠٧)، الروضة (١٠/ ٣٠٥).
(٥) انظر "الأم" (٤/ ١٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>