للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

إسلامهم، أو بذل جزية، فإن لم يكن .. جازت أربعة أشهر) يتبادر إلى الفهم منه أن مراده: فإن لم يكن مصلحة، وإياه فهم شيخنا في "المهمات"، وهذا باطل؛ فإنه إذا انتفت المصلحة .. لم يجز عقدها مطلقاً، وإنما مراده: أن المصلحة قد توجد مع ضعفنا بقلة عدد وأهبة، وقد يكون مع قوتنا رجاء إسلامهم أو بذل جزية؛ ففي الحالة الثانية وهي القوة .. تعقد أربعة أشهر؛ فقوله: (فإن لم يكن) أي: ضعف، وأحسن "التنبيه" في التعبير عن هذا فقال [ص ٢٣٩، ٢٤٠]: (وإذا رأى في عقدها مصلحة .. جاز، ثم ينظر: فإن كان مستظهراً .. فله أن يعقد أربعة أشهر، ثم قال: وإن لم يكن مستظهراً .. جاز أن يهادنهم عشر سنين) وأطلق "الحاوي" عقدها أربعة أشهر ثم قال: (ولضَعْفٍ عشر سنين) (١) فعلم أن مراده أولاً: مع القوة كما عرف من عادته، وقال شيخنا في "تصحيح المنهاج" مشيراً إلى ما فهمه في "المهمات" من عبارة "المنهاج": إن هذا لا يتخيله من له تأمل، وما ظننت أحداً يتخيله فضلاً عن الجزم به.

قلت: الإيراد على الألفاظ ولفظ "المنهاج" يعطي ما ذكره وإن لم يكن مراده، والله أعلم.

واقتصر الثلاثة على اعتبار المصلحة، واعتبر الرافعي أن يكون بالمسلمين إليه حاجة وفيه مصلحة، ثم قال: وقد تكون - أي: المصلحة - مع القوة. انتهى (٢).

وهو دال على أن المصلحة مع القوة، وتنتهي مع الضعف إلى الحاجة، ولما لم يتوقف عقد الذمة عليها .. صح أن المعتبر المصلحة، والصحيح عند انتفاء المصلحة والمضرة: أنه لا يجب، بل يجتهد فيه الإمام، قال الإمام: وما يتعلق باجتهاده لا يعد واجباً وإن لزمه رعاية الأصلح (٣).

٥٤٤٨ - قول "التنبيه" [ص ٢٤٠]: (وفيما بينهما أي: الأربعة والسنة - قولان) الأظهر: منعه، وعليه مشى "المنهاج" و"الحاوي" (٤)، وقال شيخنا في "تصحيح المنهاج": نصوص الشافعي رضي الله عنه متفقة في الهدنة عند القوة على أنها لا تجوز فوق أربعة أشهر، والقول الآخر محكي عن (سير الواقدي)، والذي في (سير الواقدي) ليس في الهدنة، وإنما هو في ترك وثني يقيم في دار الإسلام (٥)، فعلى هذا: لا يثبت هذا القول هنا، وبتقدير إثباته .. فلا أكتفي في دون السنة بلحظة، بل أشترط أن يكون دونها بزمان يمكن الجهاد فيه في تلك السنة، نظراً إلى أن الجهاد فرض كل سنة، قال: ولم أر من تعرض لذلك.

٥٤٤٩ - قول "المنهاج" [ص ٥٣٠] و"الحاوي" [ص ٦٢٢]: (ولضَعْفٍ تجوز عشر سنين فقط)


(١) الحاوي (ص ٦٢٢).
(٢) انظر "فتح العزيز" (١١/ ٥٥٤).
(٣) انظر "نهاية المطلب" (١٨/ ٧٩).
(٤) الحاوي (ص ٦٢٢)، المنهاج (ص ٥٣٠).
(٥) الأم (٤/ ٢٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>