للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فأجاب عنه: بأنه لا يكون غنيًا مع الغيبة إلا إذا كان ماله في دون مسافة القصر.

وفي هذا الجواب نظر؛ فإنه غني ولو كان ماله على مسافة القصر إلا أنه مع غناه محتاج، فأخذ من الزكاة، وفسخت زوجته نكاحه؛ لتضررها، وبائعه؛ لتضرره بتأخير الثمن عنه، وأما الكفارة .. فلا حاجة به إلى تعجيلها، وهي على التراخي على المشهور، والله أعلم.

٥٧٢٦ - قوله: (ولا يكفر عبد بمال إلا إذا ملَّكه سيده طعامًا أو كسوة وقلنا: يملك) (١) أي: وأذن له في التكفير بذلك كما صرح به "التنبيه" (٢)، وكذا لو ملكه غيرها وأذن له أن يشتري به أحدهما ويكفر به .. جاز، وكذا يجوز على هذا القول أن يكفر السيد عن العبد بالمال من غير احتياج إلى أن يملكه .. ولابد من إذن العبد كما ذكره الشيخ أبو حامد والبغوي، وفي كلام ابن الصباغ و"البيان" ما يقتضي عدم اعتباره، ثم محل ذلك: في حياة العبد، فلو مات .. فللسيد أن يكفر عنه بالإطعام أو الكسوة، فإن قلنا: لا يملك بالتمليك؛ لأن التكفير عنه في الحياة يتضمن دخوله في ملكه والتكفير بعد الموت لا يستدعي؛ وذلك لأنه ليس للميت ملك محقق؛ ولأن الرق لا يبقى بعد الموت .. فهو والحر سواء (٣)، وقد ذكره "الحاوي" (٤).

ولا يرد على عبارتهما المكاتب؛ فإنه يكفر بالإطعام أو الكسوة بإذن السيد على الراجح؛ لأنه إذا أطلق العبد .. إنما يراد به القن، ولا سيما وقد قال "المنهاج" [ص ٥٤٦]: (وقلنا: يملك) والمكاتب يملك قطعًا.

٥٧٢٧ - قول "المنهاج" فيما إذا ضره الصوم [ص ٥٤٦]: (ووُجِدا - أي: الحلف والحنث - بلا إذن .. لم يصم إلا بإذن) و"الحاوي" [ص ٦٤٨]: (وللسيد منعه) قد يوهم أنه لو صام .. لم يصح، وليس كذلك؛ ولهذا قال "التنبيه" [ص ١٩٩]: (وإن خالف وصام .. أجزأه).

٥٧٢٨ - قول "المنهاج" [ص ٥٤٦]: (وإن أذن في أحدهما - أي: الحلف والحنث - فالأصح: اعتبار الحلف) مخالف للمصحح في "الروضة" و"الشرحين" من اعتبار الإذن في الحنث (٥)، وعليه مشى "التنبيه" فقال [ص ١٩٩]: (وإن حلف بإذنه وحنث بغير إذنه .. فقد قيل: يجوز، وقيل: لا يجوز وهو الأصح) و"الحاوي" فقال [ص ٦٤٨]: (وللسيد منعه إن امتنع خدمته، أو حنث لا بإذنه)، والصواب أن يقول: (وحنث) بالواو لا بأو؛ لأنه لا بد في منعه له من اجتماع


(١) انظر "المنهاج" (ص ٥٤٦).
(٢) التنبيه (ص ١٩٩).
(٣) انظر "فتح العزيز" (١٢/ ٢٧٨).
(٤) الحاوي (ص ٦٤٨).
(٥) فتح العزيز (٩/ ٣٢١)، الروضة (٨/ ٣٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>