للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثالثها: ظاهره: أنه لا يجتهد فيها بالتيامن والتياسر، وهو وجه، والأصح: جوازه، وللسبكي احتمالان في وجوبه، ذكرهما في مصنف له في هذه المسألة، ومال إلى الوجوب، قال: ثم إذا اجتهد وجوباً أو جوازاً وظهر له الحق قطعأ أو ظناً .. فلا يسوغ له التقليد أصلاً. انتهى.

نعم؛ كلامه على إطلاقه في محراب النبي صلى الله عليه وسلم؛ ويعني بمحرابه: مكان صلاته؛ فإنه لم يكن في زمنه عليه الصلاة والسلام محراب؛ أي: طاق، وكذلك قال النووي في " التحقيق ": (وكل موضع صلى فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وضبط موقفه تعيّن، ولا يجتهد فيه بتيامن ولا تياسر) (١)، وقال في " الحاوي " [ص ١٥٦، ١٥٧]: (لا في محراب الرسول عليه السلام يمنة ويسرة، وفي محراب المسلمين جهة) ويرد عليه: القرية الصغيرة إذا لم تنشأ بها قرون من المسلمين؛ فإنه لا يعتمد محرابها كما تقدم مع أنها داخلة في قوله: (محراب المسلمين).

رابعها: لم يتعرض في " المنهاج " لذكر المحاريب، وهو في معنى خبر الثقة الذي ذكره، قال في " الروضة ": (قد يكون الخبر صريح لفظ، وقد يكون دلالة؛ كالمحراب المعتمد) انتهى (٢).

وفي كلام بعض الأصحاب تسميته تقليداً، وتردد في ذلك السبكي فقال: يحتمل أن يكون تقليداً، ويحتمل أن يقال: إنه بمنزلة الخبر .. فلا يجتهد فيه، قال: ويظهر أثر الاحتمالين في العارف بأدلة القبلة، هل يجوز له الاجتهاد فيها أو لا؟ إن قلنا: بمنزلة الخبر .. لم يجز، وإن قلنا: إنه تقليد .. جاز، قال: بل قد يقال بوجوبه؛ لأن المجتهد لا يقلد مجتهداً، قال: والأظهر: توسط، وهو: أنه في الجهة بمنزلة الخبر؛ ولهذا اتفقوا على أنه لا يجوز الاجتهاد في الجهة، ولا كذلك في التيامن والتياسر؛ فلذلك نوجبه فيه. انتهى.

٤٣٧ - قول " المنهاج " [ص ٩٥]: (فإن فقد وأمكن الاجتهاد .. حرم التقليد) وفي معناه قول " التنبيه " [ص ٢٩]: (وإن كان في برية واشتبهت عليه القبلة .. اجتهد في طلبها بالدلائل) وقول " الحاوي " [ص ١٥٦]: (ثم للبصير باجتهاد) ويستثنى من كلامهم: ما إذا ضاق الوقت عن الاجتهاد، فالأصح: أنه لا يجتهد، بل يصلي على حسب حاله ويعيد.

٤٣٨ - قول " التنبيه " [ص ٢٩]: (ومن صلى بالاجتهاد .. أعاد الاجتهاد للصلاة الأخرى) وقول " المنهاج " [ص ٩٥]: (ويجب تجديد الاجتهاد لكل صلاة تحضر على الصحيح)، وعبر في " الروضة " بالأصح (٣)، هو في الفرض، أما النفل: فله صلاته بالأول قطعاً؛ ولذلك قال في


(١) التحقيق (ص ١٩١).
(٢) الروضة (١/ ٢١٧).
(٣) الروضة (١/ ٢٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>