للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

خامسها: أن تعبير "المنهاج" بقوله: (والتصدق به) يقتضي الاكتفاء بكون ذلك الشيء مما يتصدق به وإن لم تصح هبته ولا هديته، فيدخل فيه ما لو نذر إهداء دهن نجس؛ بناءً على ما قاله النووي من أنه ينبغي أن يقطع بصحة الصدقة به بعد حكايته عن القاضي أبي الطيب المنع من ذلك (١)، ويدخل فيه أيضاً جلد الميتة قبل الدباغ، بل هو أولى من الدهن النجس؛ فإنه اضطرب كلام النووي في جواز هبته، لكن قال شيخنا في "تصحيح المنهاج": الأرجح: أنه يشترط فيه أن يكون مما يهدى للآدمي، ويوافق ذلك تعبير"الحاوي" عنه بالمال، وتعبيره هو و"التنبيه" بثمنه، والنجس لا ثمن له.

سادسها: أنه يرد على تعبير "المنهاج" و"الحاوي" بالتصدق به ما لو نوى صرفه إلى تطييب الكعبة أو جعل الثوب ستراً لها أو نحو ذلك .. فإنه يلزمه صرفه فيما نوى كما نص عليه في "الأم"، ولا يرد ذلك على "التنبيه" فإنه لم يذكر التصدق به، بل وجوب نقله إن أمكن.

سابعها: أن "المنهاج" أطلق في قوله: (من بها) والمراد به: الفقراء أو المساكين من المسلمين، ولم يأت "التنبيه" و"الحاوي" بعبارة تشمل الأغنياء.

ثامنها: قد يفهم من تعبير "المنهاج" و"الحاوي" بالتصدق به أنه يتصدق به على حاله، فيتناول النعم السليمة مع أنه لا يجوز التصدق بها حية؛ لأن في ذبحها قربة، ويجب الذبح في الحرم على الأصح، ولا يرد ذلك على "التنبيه" لاقتصاره على النقل.

واعلم: أن الماوردي قال فيما لو قال: لله عليّ أن أهدي هذا المتاع .. أنه محتمل لعرف اللفظ، وهو جعله هدية، وعرف الشرع وهو كونه هدياً، فإن أراد الأول .. لم ينعقد نذره، إلا أن يقترن بقربة تختص بثواب، أو الثاني .. عمل به، وإن أطلق .. فوجهان، رجح شيخنا في "تصحيح المنهاج": أنه لا ينعقد؛ لأن الأصل بقاء ملكه، فلا يزال إلا بمحقق، وعلى هذا: فتعبير "المنهاج" بالهدي أحسن من تعبير "التنبيه" و"الحاوي" لأنه لا إشكال في الصراحة مع التصريح بلفظ الهدي، والله أعلم.

٥٨٦٣ - قول "التنبيه" [ص ٨٥]: (ومن نذر النحر بمكة .. لزمه النحر بها وتفرقة اللحم علىّ أهل الحرم) لا يتقيد النحر بها، فله النحر في سائر الحرم؛ كما أن له التفرقة على غير أهل مكة من أهل الحرم، والمراد: الفقراء أو المساكين كما تقدم.

٥٨٦٤ - قوله: (وإن نذر النحر وحده - أي: في بلد آخر - .. فقد قيل: يلزمه النحر والتفرقة، وقيل: لا يلزمه) (٢) الثاني هو الأصح، وعليه مشى "الحاوي" فقال [ص ٦٥٦]: (وكل بلد


(١) انظر "الروضة" (٣/ ٣٤٩).
(٢) انظر "التنبيه" (ص ٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>