للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

لا يجب على من يصلح للقضاء طلب القضاء ببلدة أخرى لا صالح بها ولا قبوله إذا وُلِّي، ويجوز أن يفرق بينه وبين القيام بسائر فروض الكفايات المحوجة إلى السفر؛ كالجهاد وتعلم العلم ونحوهما؛ بأنه يمكن القيام بتلك الأمور والعود إلى الوطن، وعمل القضاء لا غاية له؛ فالانتقال إليه هجرة، وترك الوطن بالكلية تعذيب (١).

قال في " المهمات ": ولم يتفقوا على ذلك؛ ففيه خلاف حكاه في " الكفاية " عن ابن الصباغ وغيره.

وقال شيخنا في " تصحيح المنهاج ": هو عندنا متعقب نقلًا ودليلًا، أما النقل: فليس ما ذكره مصرحًا به في كتاب من كتب الأصحاب، لا العراقيين ولا المراوزة، وأما الدليل: فلأنه يلزم تعطل البلدة التي ليس فيها من يصلح للقضاء عن قاض، ولا يؤدي ذلك إلى هجر الوطن بلا غاية، بل الإمام ينظر فى المصالح العامة والخاصة، ويبعث قاضيًا بعد قاض، وقد بعث النبي صلى الله عليه وسلم عليًا إلى اليمن قاضيًا، وكذلك بعث أبا موسى ومعاذًا رضي الله عنهم، واستمر الخلفاء بعده على ذلك من غير أن يقول أحد من المبعوثين: إنه لا يتعلق بي أمر البلد التي تريد أن تبعثني إليها؛ لأنها ليست بلدي.

٥٨٩٢ - قول " التنبيه " [ص ٢٥١]: (وينبغي أن يكون القاضي ذكرًا، حرًا، بالغًا، عاقلًا، عدلًا، عالمًا بالأحكام) فيه أمور:

أحدها: أن قوله: (ينبغي) بمعنى: يشترط كما عبر به " المنهاج " (٢).

ثانيها: أنه أهمل من الأوصاف المشترطة فيه الإسلام، وقد ذكره " المنهاج " (٣)، وحذفه في " الروضة " استغناء عنه بالعدالة.

وقال شيخنا في " تصحيح المنهاج ": اشتراط الإسلام إنما هو في قاضي المسلمين أو المطلق، فأما قاضي الكفار .. فلا يشترط إسلامه، وللإمام أن ينصب بينهم قاضيًا كافرًا، ثم ذكر قول " أصل الروضة ": إنه لا يصح تولية الكافر ولو على كافر، وقول الماوردي: إن ما جرت به عادة الولاة من نصب رجل بين أهل الذمة .. فهو تقليد رياسة وزعامة، لا تقليد حكم وقضاء، ولا يلزمهم حكم بإلزامه (٤)، ثم قال شيخنا: إنه ممنوع؛ لمخالفة نصوص الشافعي رضي الله عنه، وما اشتهر بين الأصحاب، وأهمل أيضًا: كونه سميعًا بصيرًا ناطقًا، وقد ذكرها " المنهاج " (٥)، وجمع ذلك


(١) انظر " فتح العزيز " (١٢/ ٤١٤).
(٢) المنهاج (ص ٥٥٧).
(٣) المنهاج (ص ٥٥٧).
(٤) الروضة (١١/ ٩٦، ٩٧)، وانظر " الحاوي الكبير " (١٦/ ١٥٨).
(٥) المنهاج (ص ٥٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>