للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثانيهما: في معنى قوله: (حكمت بكذا) ثبت عندي كذا، وعقدت نكاح فلانة على فلان، وبعت كذا على محجوري بالحكم، فلو قال: (صرفت مال الوقف لجهته العامة، أو في عمارته التي تقتضيها الحال) .. قبل قوله بلا يمين، ولو قال: المال الذي في يد هذا الأمين سلمته له زمن قضائي، وهو لزيد، وصدقه الأمين على أنه تسلمه منه، وادعى أنه لعمرو .. فالقول قول القاضي بلا يمين، وهل يغرم الأمين لعمرو؟ فيه وجهان، قال شيخنا في " تصحيح المنهاج ": والأرجح: أنه لا يغرم له شيئًا، ولو لم يصدقه الأمين في تسلمه منه فالقول قول الأمين.

٥٩١٨ - قوله: (فإن شهد مع آخر بحكم حاكم جائز الحكم .. قبلت في الأصح) (١) و" الحاوي " [ص ٦٦٠]: (ويشهد بشاهدٍ إن قضى به قاضٍ) محله: ما إذا لم يعلم القاضي أنه يعني نفسه؛ فإن للرافعي احتمالين في أن الخلاف فيما إذا لم يعلم القاضي أنه يعني نفسه، فإن علم .. فهو كما لو أضاف إلى نفسه، أو الخلاف فيما إذا علم، وإلا .. قبل قطعًا، وصحح النووي: الأول (٢).

لكن قال شيخنا في " تصحيح المنهاج ": قد يظهر أن الثاني أرجح؛ لأن القاضي إذا علم .. جاز الوجهان في الرد وعدمه، فإذا لم يعلم .. فالقبول مقطوع به؛ إذ لا خلل في لفظ الشاهد ولا في علم القاضي. انتهى.

وفي " المهمات ": أن الاحتمال الثاني لا يتصور هنا؛ لأنه علل المنع؛ فإنه قد يريد نفسه، ولو كان محلهما: ما إذا علم .. لم يصح هذا التعليل؛ لأنه تعليل لمحل النزاع، ثم قال: إن كلام الأصحاب يدل على الاحتمال الثاني؛ فإن الإمام علل وجه المنع بأن الظاهر أنه يعني نفسه (٣)، وعلله الماوردي بجواز أن يكون هو الحاكم به (٤)، وعلل البغوي القبول بأن الظاهر أنه يريد حكم غيره (٥)، ويوافقه قوله في " فتاويه " فيما لو باع دارًا، فغصبت من المشتري، فشهد له البائع بالملك .. يقبل، ولا يرد القاضي شهادته بعلمه أنه باعها كما لا ترد شهادة من علم أنه شهد بالملك بظاهر اليد، وإن كان لو صرح لم يقبل، فلو صرح الشاهد الآخر بأن المعزول حكم به .. قبل على الاحتمال الثاني؛ لأنا لا نعتني تفريعًا عليه إلا بتصحيح الصيغة، قاله الرافعي (٦).

قال شيخنا في " تصحيح المنهاج ": وهو مردود؛ فإن الشهادة على حاكم واحد لم يتم النصاب


(١) انظر " المنهاج " (ص ٥٥٩).
(٢) انظر " فتح العزيز " (١٢/ ٤٤٥).
(٣) انظر " نهاية المطلب " (١٨/ ٥٨٨).
(٤) انظر " الحاوي الكبير " (١٦/ ٣٣٨).
(٥) انظر " التهذيب " (٨/ ١٩٤).
(٦) انظر " فتح العزيز " (١٢/ ٤٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>