للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

القضاء بالعلم، لكن نازع فيه شيخنا، وقال: الصواب خلافه؛ لأن العدد ليس شرطًا في القيافة حتى ينظر إلى التقيد بالعدد.

سابعها: في " أصل الروضة " عن الأصحاب: أنهم مثلوا القضاء بالعلم بما إذا ادعى عليه مالًا وقد رآه القاضي أقرضه ذلك، أو سمع المدعى عليه أقر بذلك، ومعلوم أن رؤية الإقراض وسماع الإقرار لا يفيد ثبوت اليقين بثبوت المحكوم به وقت القضاء؛ فدل على أنهم أرادوا بالعلم: الظن المؤكد، لا اليقين (١)، ويوافق ذلك قوله في القيافة: لو كان القاضي قائفًا .. فهل يقضي بعلمه؟ فيه الخلاف في القضاء بالعلم (٢)، وترجيحه في القسمة تخريج قضائه في التقويم بمعرفته على خلاف القضاء بالعلم، ويخالفه قول الإمام: إذا جوزنا القضاء بالعلم .. فذلك فيما يستيقنه، لا ما يظنه، وإن غلب الظن (٣)، وتبعه الغزالى، فقال: لا خلاف أنه لا يقضي بظنه الذي لا يستند إلى بينة (٤)، وعكسه الماوردي فقال: إذا رأى الحاكم رجلًا يتصرف في دار مدة طويلة من غير معارضة .. جاز أن يحكم له بالملك، وفي جواز الشهادة في هذه الحالة قولان، والفرق أن الحاكم له أن يجتهد وليس للشهود أن يجتهدوا.

ثامنها: أهملوا شرط القضاء بالعلم، وهو التصريح بالمستند، فيقول: علمت أن له عليك ما ادعاه، وحكمت عليك بعلمي؛ فإن اقتصر على أحدهما .. لم ينفذ الحكم، قاله الماوردي والروياني (٥)، قال شيخنا في " تصحيح المنهاج ": وله وجه من النظر، ويحتمل عدم الاحتياج إليه.

تاسعها: أن عبارة " التنبيه " صريحة في جريان الخلاف في حدود الله تعالى، وهو مقتضى قول " المنهاج " [ص ٥٦١]: (والأظهر: أنه يقضي بعلمه إلا في حدود الله تعالى)، وعبارة " المحرر ": لا تعطي ذلك؛ فإنه قال: (أصح القولين: أن القاضي يقضي بعلمه إلا في حدود الله) (٦)، ويوافقه ترجيح " الروضة " القطع بأنه لا يقضي في حدود الله بعلمه، وقيل: قولان (٧)، وفي " المهمات ": أن الذي في " الروضة " سهو، وأن المرجح في " الشرحين " طريقة القولين (٨).


(١) الروضة (١١/ ١٥٦، ١٥٧).
(٢) الروضة (١٢/ ١٠٢).
(٣) انظر " نهاية المطلب " (١٨/ ٥٨٠، ٥٨١).
(٤) انظر " الوسيط " (٧/ ٣٠٨).
(٥) انظر " الحاوي الكبير " (١٦/ ٣٢٤).
(٦) المحرر (ص ٤٨٨).
(٧) الروضة (١١/ ١٥٦).
(٨) فتح العزيز (١٢/ ٤٨٧، ٤٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>