للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(فذاك)، واستشكل الرافعي الخلاف المتقدم في الثبوت؛ لأنه إن كان الكلام في ثبوت الحق المدعى في نفسه .. فمعلوم أنه لا يتوقف على الإقرار؛ فكيف على الحكم بعد الإقرار؟ وإن كان المراد المطالبة والإلزام .. فلا خلاف أن للمدعي الطلب بعد الإقرار، وللقاضي الإلزام (١).

وأجاب عنه شيخنا في " تصحيح المنهاج " باْن الكلام في ثبوت الحق المدعى به ظاهرًا عند القاضي الذي وقعت عنده الدعوى والإقرار من غير أن يقول قضيت عليه، ولا ثبت عندي الحق عليه.

واعترض في " المهمات " على قوله: (لا خلاف أن للمدعي الطلب بعد الإقرار) بأن الماوردي قال: له ملازمته بعد الحكم لا قبله (٢).

٥٩٨٦ - قولهما: (وإن أنكر .. فله أن يقول: " ألك بينة؟ " وله أن يسكت) (٣) فيه أمور:

أحدها: أن محل قوله: (ألك بينة؟ " في غير ما يثبت بالشاهد واليمين، فإن ثبت بشاهد ويمين .. فيقول: (ألك بينة أو شاهد مع يمينك) فإن علم جهله به .. وجب أن يقول له، وإلا .. ندب، ومحله أيضًا فيما إذا لم يكن في جانب المدعي للوث .. فيقول له: أتحلف خمسين يمينًا، وكذا الزوج المدعي على زوجته الزنا يقول له: أتلاعنها، ذكر ذلك كله شيخنا في " تصحيح المنهاج وقال: لم أر من تعرض له.

قلت: وقد تناوله قول " الحاوي " [ص ٦٦٨]: (وإلا .. سكت أو سأل الحجة)، وتناول أيضًا كل أمين تقبل دعواه، فيقول له: أتحلف؛ لأن المذكورين حجتهم ما ذكرناه من غير توقف على البينة؛ فهي عبارة حسنة شاملة.

ثانيها: استثني أيضًا منه: القاذف، فيندب للقاضي أن يبين له الحال من أول الأمر تغليظًا عليه، فيقول: ألك أربعة من الشهداء يشهدون بالمعاينة؛ لعله أن يرجع عما ادعاه.

ثالثها: محل السكوت: ما إذا كان المدعي يعلم ذلك الحكم، فإن جهله .. وجب إعلامه به، قال في " المطلب ": أفهم كلام " المهذب " قول ذلك للجاهل على وجه الوجوب (٤).

وقال شيخنا في " تصحيح المنهاج ": هو الذي يقتضيه القواعد.


(١) في حاشية (ج): (وإن نظر ناظر إلى وجه ذكرناه في الإقرار: أن الإقرار المطلق لا يكفي للمؤاخذة، بل يسأل المقر عن سبب اللزوم، وقال: إذا كان الإقرار المطلق مختلفًا .. كان في محل النظر والاجتهاد، فاعتبر قضاء القاضي على رأي، فهذا شيء لا يختص بالإقرار بعد الدعوى في مجلس القاضي، بل ينبغي أن يطرد في محل الإقرار. هذه تكملة استشكال الرافعي). انظر " فتح العزيز " (١٢/ ٤٩٥، ٤٩٦).
(٢) انظر " الحاوي الكبير" (١٦/ ٣٠٩).
(٣) انظر " التنبيه " (ص ٢٥٤)، و " المنهاج " (ص ٥٦٢).
(٤) المهذب (٢/ ٣٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>