للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ذلك، وتعجب من إهمال الرافعي طريقة العراقيين، وهي في كتبهم، حتى " التنبيه "، ثم قال: والصواب جواز القضاء على الغائب عن بلد القضاء مطلقًا، وليس في الأدلة الشرعية ما يقتضي اعتبار بعد الغيبة، وما يذكر في التزويج بغيبة الولي والشهادة على الشهادة وكتاب القاضي إلى القاضي فلا يعتمد القياس عليه؛ لأمور، ثم قال: وخرج من ذلك انفراد البغوي بهذا، ولم أقف على تعليق القاضي حسين في ذلك، ثم ذكر أن تعبير " المنهاج في غير مستقيم؛ لأن قوله: (منها) يعود على المسافة البعيدة، والمسافة البعيدة ليست التي لا يرجع منها، بل التي لا يصل إليها ليلًا من خرج بكرة من موضعه إلى بلد الحكم، فلو قال: (التي لو خرج منها بكرة إلى بلد الحاكم .. لا يرجع إليها ليلًا لو عاد في يومه) .. لكان محصلًا للمقصود.

قلت: لو قال " المنهاج ": (مبكر منها) .. لاستقام، وهو مراده.

قال شيخنا: وقوله: (ليلًا) يريد به: أوائل الليل، وهو القدر الذي ينتهي به سفر الناس غالبا، ثم قال: لم يثبتوا مقدار الإقامة في المحاكمة، وعندي أنه إذا خرج من بلده بكرة واشتغل بالمحاكمة على العادة بحيث لا يتمكن من العود ليلًا على ما فسرناه .. فهو بمسافة بعيدة عند من اعتبر البعد في الغيبة؛ لأن الفور من غير نظر إلى زمن المحاكمة على العادة يؤدي إلى الضرر الذي راعوه، قال: ولم أر من تعرض لذلك (١).

٦٠٥٦ - قول " المنهاج " [ص ٥٦٥]: (والأظهر: جواز القضاء على غائبٍ في قصاصٍ وحد قذفٍ) عبر في " الروضة " بالمشهور (٢)، وبينهما في اصطلاحه تناف.

وقال شيخنا في " تصحيح المنهاج ": من له إسقاط حد القذف باللعان لا يجوز القضاء عليه به في غيبته؛ لتمكنه من إسقاطه، والقاضي إنما يقضي بالأمر اللازم، وهذا ليس بلازم، ولم أر من تعرض لذلك.

٦٠٥٧ - قوله: (ولو سمع بينة على غائب فقدم قبل الحكم .. لم يستعدها، بل يخبره ويمكنه من " الجرح ") (٣) (٤) قال شيخنا في " تصحيح المنهاج ": ليس فيه التصريح بالمقصود، وهو توقف الحكم على إخباره بالشهادة، وفي " المطلب ": أن حكمه يتوقف على إعلامه بالشهادة، وعندي فيما قاله في " المطلب " نزاع؛ فإن هذا من صور الأعذار، وهو غير شرط عندنا لصحة الحكم.

قلت: ذاك في غير هذه الصورة؛ لوقوع الدعوى والبينة في وجه الخصم، فهو متمكن من


(١) انظر " حاشية الرملي " (٤/ ٣٧٠).
(٢) الروضة (١١/ ١٩٦).
(٣) في (ب)، (د): (جرح).
(٤) انظر " المنهاج " (ص ٥٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>