للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الإمام (١)، والذي أطلقه الشافعي والعراقيون وأكثر المراوزة عدم الفرق، وقال الماوردي فيما إذا كانت القسمة بالتراضي لكنها فيما يجبر فيه: تسمع البينة بالغلط، ويحكم بإبطال القسمة (٢)، وخالف فيه البندنيجي وغيره، قال شيخنا: والأرجح ما قاله الماوردي؛ لأنها لا يتمحض الرضا فيها؛ لأنه يخاف من إجبار يقع فيها، وحمل شراح " الحاوي " كلامه على ما إذا ادعى ذلك على قسام القاضي، وهنا أمور:

أحدها: محل قولنا: لا أثر للغلط إذا قلنا: بيع ما إذا جرى لفظ البيع أو ما يقوم مقامه، وإلا .. فالحكم كما لو قلنا: إفراز، قاله في " الوسيط " (٣)، ولم يتعرض له في " البسيط "، قال شيخنا في " تصحيح المنهاج ": والتفصيل هو المعتمد.

ثانيها: ومحله أيضًا: ما لم يذكر تأويلًا، فإن قال: إنما رضيت لاعتقادي أن ما خرجت القسمة به هو الذي لي، وقد ظهر لي أنه أكثر منه، وسبب غلطي مجي كتاب وكيلي بقدر فخرج بخلافه، أو كانت لي شركة في مكان آخر فغلطت منه إلى هذا، ونحو ذلك .. فتسمع دعواه وبينته؛ كنظيره من المرابحة فيما إذا قال: اشتريت بمائة، ثم قال بل بمائة وعشرة، قاله شيخنا في " تصحيح المنهاج ".

ثالثها: قال شيخنا أيضًا: مقتضاه: أن الشركاء لو اعترفوا بما ادعاه .. لا تنقض القسمة، وهذا خرق عظيم، وليس هذا كالغبن؛ فإنه لما رضي هنا بعد القرعة .. لم يكن نصيبه مكشوفًا له، ولم أجد أحدًا صرح بعدم النقض مع اعتراف الغريم، لكن في " الكفاية ": أن مقتضى التوجيه بأنه ينزل منزلة الغبن في البيع: أن الغرماء ولو اعترفوا بالغلط .. لم يفده اعترافهم شيئًا، وبه صرح في " الوسيط " عن العراقيين، ولم يصرح في " البسيط " (٤) بذلك، وإنما قال العراقيون: لا تنقض؛ لأنه رضي به، فصار كما إذا اشترى بغبن، وهذا يتجه على قولنا: إنها بيع (٥).

فإن قيل: يلزم من تشبيهه بالغبن هذا .. قلنا: الكلام في التصريح بذلك، ثم لا يلزم من تشبيهه بالغبن هذا؛ لأن في الغبن لم يستند إلا إلى مجرد تخمين، وهنا استند إلى قسمة بقرعة ظن أنها على العدل، فلا يكون رضاه مع الإسناد المذكور ناقلًا للزيادة عن ملكه إذا لم يعلمها. انتهى (٦).


(١) الوجيز (٢/ ٢٤٦)، وانظر " نهاية المطلب " (١٨/ ٥٦٣).
(٢) انظر " الحاوي الكبير " (١٦/ ٢٦١).
(٣) الوسيط (٧/ ٣٣٨).
(٤) في النسخ: (الوسيط)، ولعل ما أثبت هو الصواب، والله أعلم.
(٥) الوسيط (٧/ ٣٣٨).
(٦) انظر " حاشية الرملي " (٤/ ٣٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>