للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وكلام الرافعي في البيع والغصب والصداق يقتضى تحريم الغناء مطلقًا (١)، والقياس في الغناء المضموم للآلة المحرمة: بقاء الكراهة في الغناء وإن أوهمت عبارته خلافه فيه اضطراب، ولا يخفى تحريمه حيث كان السماع من امرأة أجنبية أو أمرد وخشي الفتنة فيهما.

٦١١٦ - قول " الحاوي " [ص ٦٦٩]: (وسماع شعار الشرب) قد يتناول اليراع، وهو الذي صححه النووي (٢)، لكن صحح الرافعي: عدم تحريمه (٣)، ومال إليه شيخنا في " تصحيح المنهاج " وقال: لا يثبت التحريم إلا بدليل معتبر، ولم يقم النووي دليلًا على ذلك.

وقال في " التوشيح ": لم يقم عندي دليل على تحريمه مع كثرة التتبع، والذي أراه الحل، فإن انضم إليه محرم .. فلكل منهما حكمه، ثم الأولى عندي لمن ليس من أهل الذوق: الإعراض عنه مطلقًا؛ لأنه قد يجره إلى ما لا ينبغي، وأدناه صرف الوقت فيما غيره أهم منه، وحصول اللذة به، وليست اللذة النفسانية في هذه الدار من المطالب الشرعية، وأما أهل الذوق .. فحالهم مسلم إليهم، وهم على حسب ما يجدون في أنفسهم، ونقل القاضي الحسين عن الجنيد: أنه قال: الناس في السماع على ثلاثة أضرب: العوام، وهو حرام عليهم؛ لبقاء نفوسهم، والزهاد، وهو مباح لهم؛ لحصول مجاهداتهم، والعارفون، وهم مستحب لهم؛ لحياة قلوبهم، وذكر نحوه أبو طالب المكي، وصححه السهروردي في " عوارف المعارف "، والظاهر أن الجنيد لم يرد التحريم الاصطلاحي، وإنما أراد: أنه لا ينبغي، ثم نقل عن والده شعرًا كتبه في جواب استفتاء بشعر، منه:

واعلم بأن الرقص والدف ... الذي عنه سألت وقلت في أصوات

فيه خلاف للأئمة قبلنا ... سرج الهداية سادة السادات

لكنه لم تأت قط شريعة ... طلبته أو جعلته في القربات

والقائلون بحله قالوا به ... كسواه من أحوالنا العادات

فمن اصطفاه لدينه متعبدًا ... بحضوره فاعْدُدْه في الحسرات

والعارف المشتاق إن هو هزه ... وجد فقام يهيم في سكرات

لا لوم يلحقه ويحمد حاله (٤) ... يا طيب ما يلقى من اللذات (٥)


(١) انظر " فتح العزيز " (٤/ ٣٠)، (٥/ ٤٥١).
(٢) انظر " الروضة " (١١/ ٢٢٨).
(٣) انظر " فتح العزيز " (١٣/ ١٥).
(٤) في (خ)، (د): (والحمد حالته).
(٥) انظر " طبقات الشافعية الكبرى " (١٠/ ١٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>