شاهد الزور لو ظهر زوره في شهادة القذف؛ بأن شهد أنه رآه يزني أول يوم من المحرم سنة كذا بحلب، وظهر بالطريق المعتبر أن الشاهد ذلك اليوم كان بمصر أو أن المشهود عليه كان بمكة .. فلا أعتبر في التوبة من ذلك القول؛ لظهور بطلانه بغير ذلك، وزال ما كان يلحق المقذوف من العار بما هو أشد في الإزالة من القول. انتهى.
٦١٦٦ - قول " المنهاج "[ص ٥٧٠]: (وغير القولية يشترط إقلاع، وندم، وعزم ألا يعود، ورد ظلامة آدمي إن تعلقت به) فيه أمور:
أحدها: أنه يفهم عدم اشتراط ذلك في القولية، وليس كذلك، بل هذا معتبر في التوبة الباطنة، وهي التي مقصودها سقوط الإثم قولية كانت أو غير قولية، وأما الظاهرة وهي التي مقصودها عود أهلية الشهادة .. فيشترط فيها الاستبراء إلا ما استثني على ما تقدم بيانه.
ثانيها: قال في " المهمات ": أهمل شرطًا رابعًا، وهو: أن يكون ذلك لله تعالى، حتى لو عوقب على جريمة فندم وعزم على عدم العود لما خل به وخوفًا من وقوع مثله .. لم يكف، قاله أصحابنا الأصوليون، ومثلوه بما إذا قتل ولده وندم لكونه ولده، أو بذل شحيح مالًا في معصية وندم للغرم، ولا بد منه.
وقال شيخنا في " تصحيح المنهاج ": هذا الإيراد عندنا غير معتبر؛ لأن التوبة عبادة، والعبادة لا بد أن تكون لله تعالى، وإذا لم يكن ذلك .. فلا توبة ولا عبادة.
قلت: هذا التوجيه فيه اعتراف باعتبار الإيراد، والله أعلم.
ثم قال شيخنا في " تصحيح المنهاج ": ولصحة التوبة شرط، وهو: أن لا يصل إلى الغرغرة أو الاضطرار بظهور الآيات كطلوع الشمس من مغربها، وهو واضح.
ثالثها: قال شيخنا في " تصحيح المنهاج ": مقتضاه: أنه لا يعتبر في غير القولية القول، وليس كذلك، بل يعتبر فيها الاستغفار أيضًا، جزم به القضاة أبو الطيب والحسين والماوردي وغيرهم، قال شيخنا: والذي يظهر - والله أعلم - من القرآن والسنة أن الذنب المذكور وإن كان ذنبه باطنًا .. لا بد أن يظهر قولًا يظهر منه ندمه على ذنبه؛ بأن يقول: أستغفر الله من ذنبي، أو رب اغفر لي خطيئتي، أو تبت إلى الله تعالى من ذنبي، ثم بسط ذلك.
رابعها: قوله: (ورد ظلامة آدمي) أراد به شمول المال والقصاص وحد القذف، وفي شمول الأخيرين نظر، فلو قال:(والخروج مما عليه من ظلامة آدمي) .. لكان أولى، وأيضًا فقد يعفو المستحق عن حقه، فيدخل ذلك في لفظ الخروج ولا يدخل في لفظ الرد، وقال الإمام في " الإرشاد ": إذا ندم القاتل .. صحت توبته في حق الله تعالى قبل تسليمه نفسه للقصاص، وكان تأخير ذلك معصية أخرى تجب التوبة منها لا يقدح في الأولى، ونازع في ذلك شيخنا في