للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لزوم القصاص على تعمد كل واحد لا على نسبته التعمد لنفسه ولصاحبه.

ويرد عليهما: أنهم لو قالوا: لم نعلم أنه يقتل بشهادتنا، بل ظننا أنه يحبس ونحو ذلك، وكانوا ممن يخفى عليهم ذلك لقرب عهدهم بالإسلام .. فهو شبه عمد، وقد ذكره "الحاوي" فقال [ص ٦٨٢]: (أو ما علمت يقتل بقولي)، ولا بد من تقييده بمن يخفى عليه، ويمكن أن يدرج في عبارته ما إذا قالوا: لم نعلم أنه يقتل بقولنا؛ لأنا ظننا أنا نجرح بأسباب تقتضي الجرح، وقد أدرجها الرافعي في عبارة "الوجيز" ثم قال ويمكن أن يجعل هذا خطأ (١)، وأسقط ذلك في "الروضة"، وذكره شيخنا الإمام البلقيني على حاشية "الروضة" بحثاً فقال: ينبغي إذا قالوا: لم نعلم أنه يقتل بشهادتنا؛ لظهور أمور فينا تقتضي رد شهادتنا عليه ولكن الحاكم قصر في ذلك .. أن يكون شبه عمد أيضاً، ولم أر من تعرض له.

٦٢٣٧ - قول "المنهاج" في المسألة [ص ٥٧٤]: (أو رجم زناً أو جلده ومات) فيه أمران:

أحدهما: لو قال: (أو جلداً) .. لكان أخصر وأعم؛ ليتناول جلد القذف والشرب.

ثانيهما: قال شيخنا في "تصحيح المنهاج": لا يأتي في الجلد ما ذكر من الحكم بعد ذلك؛ فإن جلد الحد لا يقتل غالباً، فلا قصاص، ولا يغلظ الدية تغليظ العمد المحض، فإن خرج الجلد عن الحد حتى صار يقتل غالباً .. فقد خرج عن المقصود، قال: ولم يذكر ما إذا لم يمت من الجلد، وحكمه أنهم يعزرون، وإن حصل أثر يقتضي الحكومة .. وجبت، ولم أر من تعرض له من الأصحاب، وفي نص "المختصر" ما يقتضيه حيث قال: (وما لم يكن من ذلك فيه قصاص .. أغرموه وعزروا) (٢).

٦٢٣٨ - قوله: (وإن رجع هُوَ وَهُمْ - أي: القاضي والشهود - .. فعلى الجميع قصاص) (٣) قال شيخنا في "تصحيح المنهاج": هذا مخالف لما ذكره في الولي والشهود من أنهم إذا رجعوا .. اختص القصاص بالولي؛ لأنه (٤) مستقل كالولي؛ فإنه يمكنه أن لا يحكم ولا يقال: هو ملجأ؛ لأن رجوعه واعترافه بالتعمد يمنع من ذلك، فالأصح: أنه يختص القصاص بالقاضي كما يختص بالولي، وقوله: (إن قالوا: "تعمدنا") (٥) فيه ما سبق من أن اعتراف كل واحد بالتعمد كاف.

٦٢٣٩ - قوله: (ولو رجع مزكِّ .. فالأصح: أنه يضمن) (٦) قد يفهم أنه لا قصاص عليه؛


(١) انظر "فتح العزيز" (١٣/ ١٢٩).
(٢) مختصر المزني (ص ٣١٢).
(٣) انظر "المنهاج" (ص ٥٧٤).
(٤) في (ب): (أي القاضي).
(٥) انظر "المنهاج" (ص ٥٧٤).
(٦) انظر "المنهاج" (ص ٥٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>