للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

أخذ غير الجنس، بل أولى؛ لأن أخذ غير الجنس لا ضياع فيه، ومع هذا امتنع على رأي، فلأن يمتنع الكسر والنقب وفيه إتلاف لغير الجنس .. أولى، ثم يترتب عليه دخول السراق ونحوهم، وقد يكون الباب أكثر ثمناً من الدين، وهذا ضررٌ لا يصار إليه.

٦٢٥٦ - قول "المنهاج" [ص ٥٧٦]- والعبارة له و"الحاوي" [ص ٦٦٤]: (ثم المأخوذ من جنسه يتملكه) يقتضي أنه لا يملكه بمجرد الأخذ، وكذا يدل عليه كلام الغزالي والرافعي والنووي (١)، وقال البغوي: إذا أخذ جنس حقه .. ملكه، وقال الماوردى: يصير على ملكه (٢)، وقال الإمام: إن قصد أخذه عن حقه .. ملكه (٣)، ومال إليه شيخنا في "تصحيح المنهاج" لأنه بأخذ الجنس عن الحق صار مستوفياً .. فملك، واعتمده في "المهمات"، ووجهه بأنه إنما يجوز لمن يقصد أخذ حقه؟ ولهذا قال في "البحر" وغيره: لو أخذه ليكون رهناً عنده بحقه .. لم يجز، وكان ضامناً بلا خلاف.

٦٢٥٧ - قولهم - والعبارة لـ "التنبيه " -: (وإن كان من غير جنس حقه .. باعه بنفسه) (٤) فيه أمور:

أحدها: أن محله إذا كان القاضي جاهلاً بالحال، فإن كان عالماً .. فالمذهب: أنه لا يبيعه إلا بإذنه، هذه عبارة " أصل الروضة " (٥)، وعبارة الرافعي فالظاهر من المذهب (٦).

وفي "المهمات": أنه من تتمة كلام البغوي، فيحتمل أن يكون استدراكاً على ما تقدم، ويحمل الإطلاق عليه، وأن يكون وجهاً مرجوحاً، والثاني هو المراد كما دل عليه كلام "المحرر" و"الشرح الصغير" فإنه لم يذكر فيهما هذه المقالة، وحذفها حذف الوجوه المرجوحة، ومشى في "الروضة" على الاحتمال الأول بلا دليل، وعبر بالمذهب ذهولاً عن اصطلاحه في التعبير به عن الطريقين.

قلت: وفي "تتمة التتمة" نقل ما حكاه البغوي عن الأصحاب، فقال أصحابنا: قالوا: إن علم الحاكم أن له عليه ديناً .. فلا يبيعه بنفسه، ولكن يرفعه إلى الحاكم، وإن لم يكن الحاكم عالماً به فعلى وجهين .. وعندي أن الأمر على العكس، فإن كان الحاكم غير عالم به .. فله أن يبيع بنفسه، وإن كان عالماً؛ فلو تولى البيع بنفسه .. فعلى وجهين، وهذا لأن الحاكم ربما لا يصدقه فيضيع حقه. انتهى.


(١) انظر "الوجيز" (٢/ ٢٥٧)، و"فتح العزيز" (١٣/ ١٤٨)، و"الروضة" (١٢/ ٤).
(٢) انظر "الحاوي الكبير" (١٧/ ٤١٤، ٤١٥).
(٣) انظر "نهاية المطلب" (١٩/ ١٩٠).
(٤) انظر "التنبيه" (ص ٢٦٥)، و"الحاوي" (ص ٦٦٣)، و"المنهاج" (ص ٥٧٦).
(٥) الروضة (١٢/ ٤).
(٦) فتح العزيز (١٣/ ١٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>