للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الجنس، أما المأخوذ من الجنس .. فإنه يضمنه قطعاً ضمان يد؛ لحصول ملكه له بالأخذ عن حقه كما سبق، قاله شيخنا في "تصحيح المنهاج".

قالى في "المهمات": ومحل الخلاف إذا تلف قبل التمكن من البيع، فإن تمكن منه فلم يفعل .. ضمن بلا خلاف، قاله الماوردي والروياني (١)، وسبقه إلى ذلك في "الكفاية".

قلت: وإنما رأيت في كلامهما الضمان وجهاً واحداً إذا استبقاها رهناً؛ وعللاه بأن الرهن عقد لا يتم إلا عن مرضاة ببدل وقبول، وكلام الرافعي يدلى على أن الضمان مع التقصير إنما هو مفرع على وجه التضمين، وليس هو على الوجهين معاً؛ فإنه قال تفريعاً على وجه الضمان: ينبغي أن يبادر إلى البيع بحسب الإمكان، فإن قصر فنقصت قيمته .. ضمن النقصان (٢)، فهذا كلام الرافعي في ضمان نقص القيمة، والتلف في معناه.

٦٢٥٩ - قول "المنهاج" [ص ٥٧٦]: (وله أخذ مال غريم غريمه) استشكله شيخنا في "تصحيح المنهاج" بأن تسليطه على مال غريم غريمه من غير أن يوجد منه ما يقتضي أن للغريم أن يأخذ من ماله بطريق الظفر محذور وخرق لا يصار إليه، ويلزم منه محذور آخر، وهو أن الظافر يأخذ من مال غريم الغريم والغريم لا يدري، فيأخذ من غريمه، فيؤدي إلى الأخذ مرتين، وفي "المطلب" عن "التتمة" وجهان في جوازه مبنيان على القولين في أن الوارث إذا ادعى دينا للميت ولم يحلف .. فهل يحلف غريم الميت؟ قولان، فإن قلنا: يحلف .. فله الأخذ هنا، وإلا .. فلا.

قال في "المطلب": وهذا يقتضي أن الجديد المنع؛ لأن الجديد: أن غريم الميت لا يحلف إذا نكل الوارث.

وقال شيخنا في "تصحيح المنهاج": لا يستقيم بناؤه عليه، والمذهب المعتمد: عدم الجواز.

قلت: ورأيت المسألة في "تتمة التتمة"، وذكر لها شرطين:

أحدهما: أن لا يظفر بمال الغريم.

والثاني: أن يكون غريم الغريم جاحداً ممتنعاً أيضاً، وبهذا الشرط الثاني ينتفي المحذور الذي ذكره شيخنا أولاً، وكلام الرافعي ينافيه؛ فإنه قال: ولا يمنع من ذلك إقرار بكر له (٣)، أي: إقرار غريم الغريم للغريم، وإنما يلزم الإشكال المذكور على ما قاله الرافعي، والله أعلم.

وقد يتوهم من جواز الأخذ بالظفر من مال غريم غريمه جواز الدعوى بذلك، وليس كذلك كما


(١) انظر "الحاوي الكبير (١٧/ ٤١٥).
(٢) انظر "فتح العزيز" (١٣/ ١٥٠).
(٣) انظر "فتح العزيز" (١٣/ ١٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>