للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رابعها: أن ظاهر عبارته انحصار ذلك في خطه وخط أبيه، وليس كذلك، بل نكول خصمه مما يحصل به الظن المؤكد كما جزم به في "أصل الروضة" (١)، وعليه مشى "الحاوي" فقال بعد ما تقدم عنه [ص ٦٩٠]: (وقرينة كنكول)، لكن نازع شيخنا في "تصحيح المنهاج" في ذلك؛ لأن الناكل قد ينكل عن اليمين تورعًا، فلا يسوغ لمجرد ذلك لخصمه الذي لا يعرف أن له حقًا عنده أن يحلف على أنه يستحق عليه ذلك، وهو ظاهر نص الشافعي رضي الله عنه المتقدم.

٦٣٠١ - قول "المنهاج" [ص ٥٧٩]: (وتعتبر نية القاضي المستحلف، فلو ورَّى أو تأول خلافها أو استثنى بحيث لا يسمع القاضي .. لم يدفع إثم اليمين الفاجرة) فيه أمور:

أحدها: كذا تعتبر عقيدته، وقد صرح به "الحاوي" فقال [ص ٦٩٠]: (بنية القاضي واعتقاده) وفي قول "المنهاج" [ص ٥٧٩]: (أو تأول خلافها) ما يشير إليه.

ثانيها: محل ذلك: إذا كان التحليف بالله تعالى، فإن كان القاضي يرى التحليف بالطلاق؛ كالحنفي، فحلف به .. نفعت التورية، ذكره النووي في "الأذكار" كما في "المهمات"، وليس في كلام النووي تصويرها بأن يرى القاضي ذلك، بل ظاهر كلامه يقتضي أن محله فيمن لا يراه؛ لأنه قال: لأنه لا يجوز للقاضي تحليفه بالطلاق، فهو كغيره من الناس (٢).

ثالثها: قال شيخنا في "تصحيح المنهاج": قوله: (وتعتبر نية القاضي المستحلف) عبارة ناقصة، وتمامها أن يقول: (الموافقة لظاهر اللفظ الواجب في الحلف) فلا أثر لنية تخالف ظاهر اللفظ الواجب في الحلف، فلو كان له دين بغير صك لم يقبضه ودين بصك قبضه، فأقام شاهدًا بالدين الذي بالصك وحلف معه، ونيته الحلف على الذي بلا صك ونية القاضي الذي بالصك .. فلا أثر لنية القاضي؛ لأن اللفظ الواجب في الحلف استحقاقه الدين المدعى به لا الدين الذي في الصك، وكذا حكم عين الرد والاستظهار، قال: وهذا مستمد مما لو جحد ما عليه من دين بغير صك وله عليه دين بصك قد قبضه وشهوده لا يعلمون قبضه .. فله أن يدعي ذلك الدين ويقيم البينة ويقبضه بدينه الآخر على الأصح في زيادة "الروضة" وفاقًا للهروي وخلافًا للقفال (٣)، قال شيخنا: وفيه نظر؛ فإن المدعى عليه لو قال: إني قضيت ما في هذا الصك .. لم يكن للمدعي أن يحلف أنه لم يقبضه، وهذا يدل على التغاير، فلا ينبغي أن يتسامح في إقامة البينة بذلك حينئذ وإنما يتجه ذلك إذا لم يدع المدعى عليه ذلك، فحينئذ .. يحلف المدعي مع شاهد ويمين الاستظهار، وقصده بقوله: ما قبضه الدين الذي له في ذمته لا الذي بالصك.


(١) الروضة (١٢/ ٣٦).
(٢) الأذكار (ص ٣٠٤).
(٣) الروضة (١٢/ ٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>