للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٦٣١١ - قوله: (فإن لم يحلف المدعي ولم يتعلل بشيء .. سقط حقه من اليمين) (١) ظاهره سقوط حقه من اليمين المردودة وغيرها في هذا المجلس وغيره، وكذا يقتضيه قول "الحاوي" [ص ٦٩١]: (فإن أخر أو بشاهد .. لم يحلف)، لكن قال في "التنبيه" [ص ٢٥٤]: (وإن قال المدعي بعد النكول: أنا أحلف .. لم يسمع، إلا أن يعود في مجلس آخر ويدعي وينكل المدعى عليه)، وحكاه في "أصل الروضة" عن العراقيين والهروي والروياني، ثم حكى عن الإِمام والغزالي والبغوي: أنه لا يتمكن من ذلك، ولا ينفعه بعده إلا البينة، قال: وهو أحسن وأصح؛ لئلا تتكرر دعواه في القضية الواحدة (٢)، وعبارة الرافعي أحسن وأقوى (٣)، وفي "الشرح الصغير": إنه الأظهر، وفي "أصل الروضة" في الباب الرابع في الشاهد مع اليمين: لو لم يحلف المدعي مع شاهده وطلب يمين الخصم .. فله ذلك، فإن حلف .. سقطت الدعوى، قال ابن الصباغ: وليس له أن يحلف بعد ذلك مع شاهده، بخلاف ما لو أقام بعد يمين المدعى عليه بينة .. فتسمع، وإن نكل المدعى عليه فأراد المدعي يمين الرد .. مكن منها على الأظهر، ويجري القولان فيما لو ادعى مالًا ونكل المدعى عليه ولم يحلف المدعي يمين الرد ثم أقام شاهدًا واحدًا وأراد أن يحلف معه؛ فإن قلنا: ليس له أن يحلف يمين الرد .. فالمنقول: أنه يحبس المدعى عليه حتى يحلف أو يقر؛ لأن يمينه حق المدعي، فلا يتمكن من إسقاطها, لكن التقصير منه حيث لم يحلف مع شاهده، فينبغي أن لا يحبس المدعى عليه، وقد ذكر ابن الصباغ نحو هذا, ولو أن المدعي بعد امتناعه من الحلف مع شاهده واستحلافه الخصم أراد أن يعود فيحلف مع شاهده .. نقل المحاملي: أنه ليس له ذلك؛ لأن اليمين صارت في جانب صاحبه، إلا أن يعود في مجلس آخر فيستأنف الدعوى ويقيم الشاهد، فحينئذ .. يحلف معه. انتهى (٤).

قال في "المهمات": وحاصله أن الراجح خلاف قول المحاملي؛ لأن الراجح خلاف ما ذهب إليه العراقيون كما تقدم، ومحله: إذا لم يحلف المدعى عليه اليمين المردودة ولا نكل عنها، فإن حلف .. انقطعت الخصومة، وإن نكل .. حلف على الأظهر كما يقتضيه كلام الرافعي في آخر القسامة. انتهى.

ونص الشافعي على المسألة فقال في "المختصر": (وإن حلف المدعى عليه أو لم يحلف ونكل المدعي وأبطلنا يمينه ثم جاء بشاهدين أو بشاهد .. حلف مع شاهده وأخذنا له بحقه) (٥)،


(١) انظر "المنهاج" (ص ٥٨٠).
(٢) الروضة (١٢/ ٤٦).
(٣) فتح العزيز (١٣/ ٢١٢).
(٤) الروضة (١١/ ٢٧٩).
(٥) مختصر المزني (ص ٣٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>