للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

القاضي إن رأى) قال الرافعي: وهو جيد، لكنه قليل النفع مع قولنا: إن للسيد إذا وجد ماله الاستقلال بأخذه، إلا أن يقال: إن الحاكم يمنعه من الأخذ في هذه الحالة (١).

قال شيخنا في "تصحيح المنهاج": والذي قاله من قلة النفع واعتذاره بأن يقال: للحاكم منعه، مردود؛ فإن الحاكم قد لا يطلع على ذلك، وإنما جوابه أن السيد لا يستقل والحالة هذه بالأخذ، وقد راعى الشافعي حال المكاتب الذي طرأ له الجنون بعد الكتابة حتى قال: (إن الحاكم إذا لم يجد له مالًا ولم يجد له نفقة ولا أحدًا يتطوع بأن ينفق عليه .. عجَّزه، وألزم السيد نفقته بعد أن يقضي عليه بالعجز) (٢)، قال شيخنا: وقضيه ذلك مراعاة مصلحة المكاتب، فإن كان الأداء عنه ما يضره بحصول العتق وضياع حاله من جهة عدم النفقة .. امتنع على القاضي أن يفعل ذلك، هذا هو المعتمد، وبه يتقيد إطلاق من أطلق أن القاضي يؤدي عن الذي جن بعد الكتابة.

ثانيهما: قد يفهم تعين القاضي طريقًا في صحة الأداء، وليس كذلك، فلو أداه المجنون له أو استقل هو بأخذه .. عتق؛ لأن قبض النجوم مستحق، ولو أخذها المولى من غير إقباض المكاتب .. وقع موقعه كما قال في "أصل الروضة": إنه المعروف في المذهب (٣).

٦٥١١ - قول "التنبيه" [ص ١٤٨]: (وإن جنى المكاتب عليه جناية خطأ .. فدى نفسه بأقل الأمرين من قيمته أو أرش الجناية في أحد القولين، وبأرش الجناية بالغًا ما بلغ في الآخر) الأصح: الأول كما صرح به النووي في "تصحيح التنبيه" (٤)، وعليه مشى "الحاوي" (٥)، وهو مقتضى كلام "أصل الروضة" فإنه قال: فيه القولان في الجناية على الأجنبي (٦)، ومقتضاه: ترجيح أقل الأمرين كما في الأجنبي، وبه جزم "المنهاج" في الأجنبي، لكنه قال في جنايته على سيده: (فلوارثه قصاص، فإن عفا على دية أو قتل خطأ .. أخذها مما معه) (٧) ثم قال: (أو قطع طرفه .. فاقتصاصه والدية كما سبق) (٨)، وظاهره إيجاب الدية مطلقًا، وهو الذي رجحه شيخنا في "تصحيح المنهاج"، وحكاه عن نص "الأم" و"المختصر"، وقال: إن القواعد تأبى الأول؛ فإن الفداء إنما يكون من أجل أن لا تباع رقبة الجاني في الجناية، وهذا مستحيل هنا، ويكون


(١) انظر "فتح العزيز" (١٣/ ٥١٤).
(٢) انظر "الأم" (٨/ ٣٦).
(٣) الروضة (١٢/ ٢٣٧).
(٤) تصحيح التنبيه (١/ ٤٥٢).
(٥) الحاوي (ص ٧٠٦).
(٦) الروضة (١٢/ ٣٠٣).
(٧) المنهاج (ص ٥٩٨).
(٨) المنهاج (ص ٥٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>