للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رابعها: صورة المسألة أيضًا: أن يكونا نقدين، فلا يحصل التقاص إلا في النقود على الأصح، وهذا وارد على "الحاوي" أيضًا؛ لإطلاقه الدينين، ويعتبر هنا أن يكون ما دفعه العبد نقدًا وهو من نقد البلد حتى يجانس ما يرجع به السيد من القيمة؛ فإنه إنما يرجع بقيمته من نقد البلد، واختصاص التقاص بالنقود، قال في "أصل الروضة": إنه المذهب الذي قطع به جمهور العراقيين وغيرهم (١).

قال في "المهمات": والمثليات قد نص عليها الشافعي رضي الله عنه، وحكم فيها بالتقاص، وقال شيخنا في "تصحيح المنهاج": ذكر البندنيجي أن الأصحاب لم يختلفوا في أن الخلاف في التقاص لا يجري إلا في الدراهم والدنانير، ولا فرق بين ما له مثل وغيره، وقال: وهم في ذلك مخالفون لنص الشافعي لا عن قصد، ولكن لقلة نظرهم في كتابه؛ فقد نص في باب الجناية على المكاتب من "الأم": أن التقاص يقع في الطعام فقال: فيما إذا كان للسيد على المكاتب مائة صاع حنطة حالة، وحرق له مثلها .. كانت قصاصًا، وإن كره سيد المكاتب (٢)، قال البندنيجي: فقد نص على أن الأقوال تأتي في كل ما يثبت في الذمة من مثلي ومتقوم، قال شيخنا: وهذا الذي ذكره البندنيجي في المتقوم لم أقف عليه في كلام الشافعي، ولكن الحوالة تجوز في المتقومات على المشهور، وقياسه: دخول التقاص فيه لحصول التساوي، وإلا .. لما صحت الحوالة به، ويوافقه ذكرهم التقاص فيما إذا بادر أحد ابني المقتول وقتل الجاني، مع أن الواجب إبل، وهي متقومة غير موصوفة الوصف المعتبر في السلم، وفي "أصل الروضة" في آخر المسألة ما ذكرناه من صور مجيء الخلاف في التقاص (٣)، كذا أطلقه الأصحاب، وفيه نظر؛ لأن شرط التقاص: استواء الدينين في الجنس والصفة حتى لا يجري إذا كان أحدهما مؤجلًا والآخر حالًا، أو اختلف أجلهما، وهنا أحد الدينين في ذمة الابن المبادر لورثة الجاني، والآخر يتعلق بتركة الجاني، ولا يثبت في ذمة أحد، وهذا الاختلاف أشد من الاختلاف في قدر الأجل. انتهى.

قال شيخنا: ولم يوردا أن الدينين متقومان، والتقاص لا يجري في المتقومات على ما صححاه، وأن مع كونهما متقومين فليسا موصوفين بصفة السلم، ويحتمل عند الدفع أن يكون أحد المدفوعين مغايرًا لصفات الآخر، وما كان كذلك .. فلا تقاص فيه؛ لعدم معرفة التساوي، قال: وعندي وقفة في ذلك من أجل نص للشافعي يشعر بدخول التقاص في ذلك، قال: ومما ينتظم في هذا السلك نفقة الزوجة وكسوتها، فإذا كان لزوجها عليها دين من المثليات في المثلي


(١) الروضة (١٢/ ٢٧٤).
(٢) الأم (٨/ ٧٢).
(٣) الروضة (١٢/ ٢٧٣، ٢٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>