للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كان منفردًا أو مقتديًا بمن يعتقد ذلك، فإن اقتدى بمن يراه بعد السلام .. قال الدارمي: فإن سبقه ببعضها .. أخرج نفسه وتمم لنفسه وسجد، وإلَّا .. فأوجه:

أحدها: يخرج نفسه ويسجد.

والثاني: يتبعه في السجود بعد السلام.

والثالث: لا يسلم إذا سلم الإمام، بل يصبر، فإذا سجد .. سجد معه ثم سلم.

قلت؛ والظاهر وجه رابع، وهو: أنَّه إذا سلم الإمام .. سجد هو منفردًا قبل السلام، وهو مقتضى قولهم -والعبارة لـ"التنبيه" -: (وإن ترك الإمام .. سجد المأموم) (١).

ويرد على "المنهاج" في تعبيره بالجديد: أن هذا القول هو المنصوص عليه في القديم أيضًا، كما حكاه الشيخ أَبو حامد وصاحب "جمع الجوامع"، والقولان المقابلان له:

أحدهما: إن سها بزيادة .. فبعد السلام، أو بنقص .. فقبله، وهو محكي عن اختلاف الحديث، وهو من الجديد.

والآخر: التخيير بينهما، وليس في القديم أيضًا، كما قاله شيخنا الإمام سراج الدين البلقيني أبقاه الله تعالى، والمصنِّف تابع للرافعي؛ فإنه قال: إن الأول هو الجديد، وإن مقابليه قديمان، ثم هذا الخلاف في الإجزاء على المذهب، وقيل: في الأفضل، هذه عبارة "الروضة" (٢)، لكن قال الماوردي: إنه لا خلاف بين الفقهاء أنَّه يجوز قبل السلام وبعده، وإنَّما الخلاف في الأَوْلَى (٣)، وقال في "التتمة": من قال بأنه قبله .. لم يصححه بعده، بخلاف العكس.

٦٢٤ - قول "التنبيه" [ص ٣٧]: (فإن لم يسجد حتَّى سلم ولم يطل الفصل .. سجد) محله: إذا كان ناسيا، فلو سلم عامدًا عالمًا بالسهو .. لم يسجد، وقد صرح بذلك "المنهاج" بقوله [ص ١١٢]: (فإن سلم عمدًا .. فات في الأصح) وكان ينبغي أن يقول أيضًا: (عالمًا بالسهو)، وهما مفهومان من قول "الحاوي" [ص ١٦٩]: (وإن تذكر عقيبه وأراد أن يسجد .. سجد).

٦٢٥ - قول "المنهاج" [ص ١١٢]: (وإذا سجد .. صار عائدًا إلى الصلاة في الأصح) مقابله: أنَّه لا يصير عائدًا؛ لأن التحلل حصل بالسلام، وصححه صاحب "التهذيب" (٤)، وفي "النهاية" وجه ثالث: أنَّه يسلم مرة أخرى، ولا يعتد بذلك السلام (٥)، قال السبكي: والقياس: إما هذا


(١) انظر "التنبيه" (ص ٣٧)، و"الحاوي" (ص ١٧٠)، و"المنهاج" (ص ١١٢).
(٢) الروضة (١/ ٣١٥، ٣١٦)، وانظر "فتح العزيز" (٢/ ٩٨).
(٣) انظر "الحاوي الكبير" (٢/ ٢١٤).
(٤) التهذيب (٢/ ١٩٥).
(٥) نهاية المطلب (٢/ ٢٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>