للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أحدها: أن السائمة تخرج المعلوفة، والسوم والعلف هنا متقابلان، وأمَّا في (النفقات): فقد أطلقوا العلف على أعم من السوم، ومنه قول "التَّنبيه" فيمن ملك دابة [ص ٢١٠]: (وجب عليه القيام بعلفها)، ومراده: ما يغدوها من سوم أو علف.

ثانيها: تناول كلامه: المستامة بنفسها، والتي أسامها الغاصب والمشتري شراءً فاسدًا، والأصح: أنَّه لا زكاة فيها، وعن ذلك احترز "الحاوي" بقوله [ص ٢١٨]: (وإسامة المالك الماشية؛ فلا تجب في سائمة ورثها وتم حولها ولم يعلم، ولا في دين الحيوان) واعترض الرافعي على مسألة الدين: بجواز كون الماشية المستقرة في الذمة موصوفة بكونها سائمة، كما قالوا في السلم في اللحم: يتعرض لكونه لحم راعية أو معلوفة (١)، وضعفه القونوي: بأن المدعى امتناع اتصافه بالسوم المحقق، وثبوتها في الذمة سائمة أمر تقديري، وذكر "المنهاج": المستامة بنفسها (٢).

ثالثها: تناول كلامه أيضاً: ما لو أسامها في كلأ مملوك له، وفيها وجهان، في زوائد "الروضة" عن "البيان" بلا ترجيح (٣)، ورجح السبكي وجوبها إن لم تكن له قيمة، أو كانت يسيرة، وسقوطها إن كانت له قيمة يُعَدّ مثلها كُلفةً في مقابلة نمائها، وفي "فتاوى القفال": إن اشترى كلأ فَرَعَتْه في مكانها .. فسائمة، فلو جزَّه وأطعمها إياه في المرعى أو البلد .. فمعلوفة، ولو رعاها ورقاً تناثر .. فسائمة، فلو جُمع وقدم لها .. فمعلوفة، واستحسنه في "المهمات"، وقال: ينبغي الأخذ به، وهذا وارد على "المنهاج" و "الحاوي" أيضاً.

رابعها: تناول كلامه أيضاً: السائمة العاملة في حرثٍ ونضح ونحوه، ولا زكاة فيها على الراجح، وقد ذكرها "الحاوي" و "المنهاج" (٤)، لكن تعبيره فيها بالأصح يخالف قوله في "شرح المهذب": قطع الأكثرون بعدم الوجوب (٥)، ورجح البغوي الوجوب فيها (٦)، فلو كانت تعمل في بعض السنة .. ففي "تعليق" البندنيجي عن الشَّيخ أبي حامد أنَّه إذا استعملها القدر الذي لو علفها فيه سقطت الزكاة .. فإنَّه تسقط الزكاة هنا، قال: والصحيح عندي: أنَّه إنَّما تسقط الزكاة بالاستعمال والنية، حكاه شيخنا الإمام البلقيني في "حواشيه"، ولو كانت معدة لاستعمال محرم؛ كإغارة ونحوها .. فلا تجب الزكاة فيها أيضاً، كما صرح به الماوردي في (باب زكاة


(١) انظر "فتح العزيز" (٢/ ٥٤٢).
(٢) المنهاج (ص ١٦٣).
(٣) البيان (٣/ ١٥١)، الروضة (٢/ ١٩١).
(٤) الحاوي (ص ٢١٨)، المنهاج (ص ١٦٣)
(٥) المجموع (٥/ ٣١٦).
(٦) انظر "التهذيب" (٣/ ٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>