للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والغزالي الاستحباب كما تقدم، وحيث لا يكره .. فقال المتولي: صوم يوم وإفطار يوم أفضل منه، واختاره السبكي، ورأى أن صوم الدهر مكروه أو خلاف الأولى، وفي " فتاوى الشيخ عز الدين بن عبد السلام " أن سرد الصيام أفضل منه؛ لأن الحسنة بعشر أمثالها، وقوله في حديث عبد الله بن عمرو في صوم يوم وإفطار يوم: " لا أفضل من ذلك " (١) أي: لك، ثم تفويت الحق يحتمل أن يراد به: الواجب، لكن تفويته حرام، فتكون الكراهة إذا كان الموجود الخوف دون العلم والظن، فإن أمن تفويته وخاف تفويت مندوب فعله راجح على السرد .. فيوم ويوم أفضل، ويمكن أن يراد بالحق: كل مطلوب وإن لم يكن واجبًا، ذكره السبكي وقال: لم أر من صرح فيه بشيء، ورجح في " المهمات " الاحتمال الثاني، فقال: إنه المتجه.

١٣٤١ - قول " الحاوي " [ص ٢٢٩]: (إنه لا يجب إتمام التطوع) يستثنى منه: تطوع الحج والعمرة، فيجب إتمامه؛ ولذلك قصر " التنبيه " و" المنهاج " ذلك على تطوع الصلاة والصوم، وتعبير " التنبيه " بقوله [ص ٦٧، ٦٨]: (ومن دخل في صوم تطوع أو صلاة تطوع .. استحب له إتمامها، فإن خرج منها .. لم يلزمه القضاء) أحسن من قول " المنهاج " [ص ١٨٦]: (ومن تلبس بصوم تطوعٍ أو صلاة تطوعٍ .. فله قطعهما ولا قضاء) لأمور:

أحدها: تصريح " التنبيه " باستحباب الإتمام، وقد قالوا: إن القطع بعذر غير مكروه، وبغير عذر مكروه على الأصح.

ثانيها: إفصاح " التنبيه " عن كون المنفي لزوم القضاء بخلاف قول " المنهاج ": (ولا قضاء) فإنه قد يفهم نفي استحبابه أيضًا، وليس كذلك، بل قضاؤه مستحب.

ثالثها: أن إفراد " التنبيه " الضمير في قوله: (إتمامها) أحسن من تثنية " المنهاج " في قوله: (قطعهما) فإن (أو) لأحد الشيئين، والذي في " المنهاج " على حد قوله تعالى: {إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا} ويستثنى من كلامهم: ما لو نذر إتمامه .. فالأصح: لزومه.

١٣٤٢ - قول " المنهاج " [ص ١٨٦]: (ومن تلبس بقضاءٍ .. حرم عليه قطعه إن كان على الفور، وكذا إن لم يكن في الأصح) المراد: قضاء الواجب، أما المستحب: فقد سبق الكلام عليه، وفهم عدم القطع في الأداء من طريق الأولى، وهو كذلك في فروض الأعيان، أما فروض الكفايات .. فله قطعها بعد التلبس بها، إلا صلاة الجنازة، وقد ذكر ذلك " الحاوي " بقوله [ص ٢٢٩]: (وإتمام القضاء؛ كصلاة الجنازة لا العلم وفروض الكفايات) وكان ينبغي الاكتفاء بنفي وجوب إتمام فروض الكفايات عن ذكر العلم؛ فانه من فروض الكفاية، وأن يؤخر ذكر صلاة الجنازة عن فروض الكفاية، فيستثنيها منها؛ لأنها من جملتها، والله أعلم.


(١) أخرجه " البخاري " (١٨٧٥)، (٣٢٣٦)، و " مسلم " (١١٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>