للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

لأدائه) أي: على العادة، حتى لو احتاج بعد اليسار إلى أن يقطع في كل يوم أكثر من مرحلة .. لم يجب الحج، كذا قاله الأئمة، وأورده الرافعي كالمستدرك على الغزالي في إهماله (١)، وكذا أهمله " المنهاج " و" الحاوي "، واعترضه ابن الصلاح وقال: ذلك شرط استقراره لا وجوبه؛ فإنه وجب بمجرد الاستطاعة، كما تجب الصلاة باول الوقت، وتستقر بالإمكان (٢)، وقال النووي: الصواب: ما قاله الرافعي، وقد نص عليه الأصحاب (٣)، وقال السبكي: إن نص " الأم " في مواضع يشهد له (٤)، ومال شيخنا الإمام البلقيني إلى ما ذكره ابن الصلاح، وقال: لا يبعد القول بأنه يُقضى من تركته؛ لأنه مستطيع بماله، ومنه ما إذا وجبت الصلاة بإدراك تكبيرة آخر الوقت، غير أن الصلاة لا تُفعل عنه والحج يُفعل عنه، ثم قال: ولا يخلو ذلك من نزاع.

١٣٩٨ - قول " المنهاج " [ص ١٩١]: (فمن مات وفي ذمته حجٌّ .. وجب الإحجاج من تركته) أحسن من قول " التنبيه " [ص ٧٠]: (ومن وجب عليه ذلك، وتمكن من فعله، ولم يفعله حتى مات .. وجب قضاؤه من تركته) لتناول الإحجاج ما استؤجر عليه إجارة ذمته، بخلاف القضاء؛ فإنه لا يتناوله، وتعبير " التنبيه " أحسن منه من وجهين آخرين:

أحدهما: أنه صرح مع الوجوب بالتمكن من فعله؛ ليخرج ما إذا لم يمض بعد الاستطاعة زمن إمكان الفراغ؛ بأن مات، أو جن قبل مضي ما يسع مجموع الأعمال؛ كالمضي إلى منى، والرمي، والحلق، وإلى مكة للطواف، أو تلَفَ مالُهُ قبل إمكان رجوع الناس، وقد ذكره " الحاوي " بقوله [ص ٢٣٨]: (لا إن هلك ماله قبل إيابهم).

ثانيهما: أن عبارته تناولت العمرة أيضًا؛ لكونه ذكرها أولًا، ثم أشار إليها وإلى الحج بقوله: (ذلك)، ولم يتناولها تعبير " المنهاج ".

ويستثنى من عبارتهما وعبارة "الحاوي ": المرتد إذا وجب عليه الحج قبل الردة؛ فإنه لا يخرج من تركته كما ذكره ابن الرفعة، وفيه احتمالان للروياني (٥)، وقد يقال: خرج ذلك بقولهم: (من تركته) لأنه إذا مات على الردة .. لا تركة له على الأظهر؛ لأنه تبين زوال ملكه بالردة.

١٣٩٩ - قول " التنبيه " [ص ٧٠]: (والمستطيع بغيره: أن يكون ممن لا يقدر على الثبوت على الراحلة لزمانة أو كبر، وله مال فيدفع إلى من يحج عنه، أو له من يطيعه .. فيلزمه فرض الحج) فيه أمور:


(١) انظر " فتح العزيز " (٣/ ٢٩٤).
(٢) انظر " مشكل الوسيط " (٢/ ٥٨٧).
(٣) انظر " المجموع " (٧/ ٥٨).
(٤) انظر " الأم " (٢/ ١٢٠).
(٥) انظر " بحر المذهب " (٥/ ٢٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>