للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فالأصح: أنه يحرم من محاذاة أبعدهما) أي: من مكة، محله: فيما إذا استوت مسافاتهما إليه، فلو كان الأبعد من مكة بعيدًا منه؛ بأن يكون بينه وبين مكة ثلاثة أميال وبينه وبين ذلك الشخص ميلان، والآخر بينه وبين مكة ميلان، لكن بينه وبين ذلك الشخص ميل واحد .. فالأصح: أنه يحرم من الأقرب إليه وإن كان أقرب إلى مكة، وعبارة " الروضة ": ولو حاذى ميقاتين طريقه بينهما؛ فإن تساويا في المسافة إلى مكة .. فميقاته ما يحاذيهما، وإن تفاوتا فيها وتساويا في المسافة إلى طريقه .. فوجهان، أصحهما: يتعين محاذاة أبعدهما، ثم قال: ولو تفاوت الميقاتان في المسافة إلى مكة وإلى طريقه .. فالاعتبار بالقرب إليه أم إلى مكة؛ وجهان، أصحهما: الأول. انتهى (١).

فجعل محل ترجيح الإحرام من الأبعد من مكة: ما إذا تساويا في المسافة إلى طريقه، ورجح فيما إذا لم يتساويا في القرب إليه: اعتبار القرب إليه، وذلك يرد أيضًا على قول " الحاوي " [ص ٢٤٠]: (وحيث حاذى واحدًا أولًا) ولا يرد على قول " التنبيه " [ص ٧١]: (إذا حاذى أقرب المواقيت إليه) والمراد بالمحاذاة هنا: المسامتة عن اليمين أو الشمال دون الظهر أو الوجه.

١٤١١ - قول "المنهاج " [ص ١٩٣]: (وإن بلغه مريدًا .. لم تجز مجاوزته بغير إحرام) فيه أمران:

أحدهما: أن المراد: مجاوزته إلى جهة الحرم، أما إذا جاوزه يمينًا أو شمالًا، وأحرم من مثل ميقات بلده أو أبعد .. جاز، قاله الماوردي، ومثّله بالعراقي بترك ذات عرق، ويعرج إلى ذي الحليفة، ولو عكسه المدني .. لم يجز، وعليه دم (٢).

قال المحب الطبري: وقياسه في المكي: أن يجاوز مكة إلى غير جهة عرفة، ثم يحرم محاذيًا لمكة، قال: ولم أره مصرحًا به.

ثانيهما: أنه يوهم التحريم وإن عاد قبل التلبس بنسك، لكن قال في " البيان ": ظاهر الوجهين: أنا حيث أسقطنا الدم بالعود .. لا تكون المجاوزة حرامًا، حكاه عنه في " شرح المهذب " (٣)، وحكى في " الكفاية " عن الروياني الجزم به (٤)، ونقله في " المهمات " عن المحاملي، قال شيخنا ابن النقيب: فيلزم منه أن مجرد المجاوزة لا يحرم، إلا أن يُحمل على سقوط الإثم بعد أن كان (٥)، وقال المحاملي: شرط انتفاء التحريم: أن تكون المجاوزة بنية العود، قال في " المهمات ": والذي قاله لا بد منه.


(١) الروضة (٣/ ١٤٠، ١٤١).
(٢) انظر " الحاوي الكبير " (٤/ ٧١).
(٣) البيان (٤/ ١١٤)، المجموع (٧/ ١٨٢).
(٤) انظر " بحر المذهب " (٥/ ٨١).
(٥) انظر " السراج على نكت المنهاج " (٢/ ٢٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>