للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٦٠٢ - قوله: (ويحرم عليه الصيد المأكول) (١) فيه أمور:

أحدها: لا بد من تقييده بأن يكون برِّيًا، كما فعل "المنهاج" و"الحاوي" (٢) ليخرج البحري، فيحل ولو في الحرم، وفي "البحر" عن الصيمري: أنَّه يحرم صيد بحر الحرم (٣)، ونص الشَّافعي يخالفه صريحًا، فقال: وكل ما كان فيه صيدٌ في بئرٍ كان أو في ماءٍ مستنقع أو في عين .. فهو بحرٌ، وسواءٌ كان في الحل أو الحرم .. يُصاد ويؤكل. انتهى (٤).

والمراد بالبحري: ما لا يعيش إلَّا في البحر، فإن عاش فيهما .. فهو بري.

ثانيها: لو عبر بالمصدر .. كان أولى من التعبير باسم المفعول، وإن كان لفظ الآية: {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ}، فهو فيها محتمل للمصدر ولاسم المفعول، وأما في لفظ المصنِّف: فهو متعين للمفعول؛ ولذلك عبر "المنهاج" بـ (اصطياد) (٥)، وأحسن منه تعبير "الحاوي" بقوله [ص ٢٥٣]: (تَعَرُّضُ) فإنه يتناول: تنفيره، والإعانة عليه بدلالة أو إعارة آلة، ووضع اليد عليه بتملك أو إعارة أو غيرهما، وأن يتعرض لجزئه وشعره وريشه وبيضه ولبنه، وقد ذكر "التنبيه" و"الحاوي" بعد ذلك البيض (٦)، ومحله: في غير المذر (٧)، أما المذر: فلا يحرم كسره، ولا يضمن إلَّا أن يكون بيض نعام؛ لأن لقشره قيمة، ومسألة الدلالة ذكرها الغزالي في "الوجيز"، وتبعه "الحاوي" (٨)، وأهملها الرافعي والنووي في "الروضة"، لكنه ذكرها في "شرح المهذب" (٩)، وهي مشكلة؛ لأنه دلالة على مباح، وليس في القواعد ما يقتضي اشتراط جواز تعاطي الشيء في جواز الدلالة عليه.

ويرد على عبارة "التنبيه" أيضًا: ما لو صال عليه الصيد، فقتله دفعًا لصياله .. فإنه لا يضمنه، ولا يرد ذلك على تعبير "المنهاج" بالاصطياد؛ لأن دفع الصائل ليس اصطيادًا.

ثالثها: لا بد من تقييده أيضًا بأن يكون وحشيًا، وقد ذكره "الحاوي" (١٠). وأجيب عن كون "المنهاج" لم يذكره: بأن لفظ الاصطياد يقتضيه؛ فإنه الأخذ بحيلة، وذلك إنما يكون في


(١) انظر "التنبيه" (ص ٧٢).
(٢) الحاوي (ص ٢٥٣)، المنهاج (ص ٢٠٦).
(٣) بحر المذهب (٥/ ٣٢٦).
(٤) انظر "الأم" (٢/ ٢٠٩).
(٥) المنهاج (ص ٢٠٦).
(٦) التنبيه (ص ٧٤)، الحاوي (ص ٢٥٣).
(٧) المذر: الفاسد الذي لا فرخ فيه. انظر "لسان العرب" (٥/ ١٦٤).
(٨) الوجيز (١/ ٢٧٠)، الحاوي (ص ٢٥٣).
(٩) المجموع (٧/ ٢٧٠، ٢٧١).
(١٠) الحاوي (ص ٢٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>