للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وعليه مشى "الحاوي" بقوله [ص ٢٧١]: (والملك لمن خُيّر، ويوقف فيما لهما)، قال شيخنا الإمام شهاب الدين بن النقيب: بقي ما لو شرطاه لأجنبي، لم أر من تعرض فيه لمالك المبيع، والذي يظهر - تفريعاً على المرجح - أنه موقوف؛ لأنا إن أثبتنا الخيار للشارط مع الأجنبي .. فهو لهما، فالملك موقوف، وإلا - وهو الأصح - .. فلا مزية، أو يقال: هو للمشتري؛ لأنه لازم من جهتهما، فأشبه ما بعد الخيار (١).

قلت: الظاهر: أن الملك لمن كان ذلك الأجنبي من جهته، وابتدأ باشتراط الخيار له؛ لوثوقه بنظره، فساعده الآخر عليه، فإن كان من جهتهما، وذكراه لوثوقهما به .. فهو كما لو كان الخيار لهما، فيكون الملك موقوفاً، وقول شيخنا: (إن أثبتنا الخيار للشارط مع الأجنبي .. فهو لهما، فالملك موقوف) عجيب! ؛ لأن الوقف إنما يجيء إذا كان الخيار لهما؛ أي: المتبايعين، وهنا ليس للمتبايعين، وقوله: (وإن لم نثبته للشارط .. فلا مزية) ممنوع، بل المزية للشارط موجودة؛ لأنه إنما فعل لغرضه ومصلحته؛ ولهذا كان الأصح: أنه إذا مات ذلك الأجنبي في زمن الخيار .. ثبت الخيار من ذلك الوقت للشارط، والله أعلم.

١٨٠٢ - قول "المنهاج" [ص ٢٢٠] و"الحاوي" [ص ٢٧١، ٢٧٢]: (إن وطئ البائع .. فسخ) اسْتثُني منه: إيلاج البائع في فرج الخنثى، فلا حكم له في الفسخ والإجازة، حكاه في (باب الأحداث) من "شرح المهذب" عن البغوي (٢).

١٨٠٣ - قول "المنهاج" [ص ٢٢٠]: (والأصح: أن هذه التصرفات من المشتري إجازة) أي: الوطء والإعتاق والبيع والإجارة والتزويج، ومحل الوجهين في الوطء والإعتاق: إذا لم يأذن فيهما البائع، فإن أذن .. كان إجازة منهما جزماً، ومحلهما في العتق أيضاً: إذا قلنا: بعدم نفوذه منه، فإن قلنا: ينفذ .. فهو إجازة قطعاً.

وأما البيع والإجارة والتزويج: فإن لم يأذن فيه البائع .. لم ينفذ، لكنه إجازة من المشتري في الأصح، وإن أذن فيه .. فالأصح: صحته، وهو إجازة قطعاً عند ابن الصباغ، قال الرافعي: وقياس ما سبق إنا إذا لم ننفذها .. أن يجيء الوجهان (٣)، ومنع شيخنا الإمام سراج الدين البلقيني رحمه الله هذا القياس، قال؛ لأن التراضي هنا من الجانبين حاصل، فلزم العقد قطعاً، وما سبق في تصرف واحد وإسقاط خياره. انتهى.

ولم يصرح "المنهاج" بحل الوطء للمشتري حيث كان الخيار له وحده، وذكره "الحاوي"


(١) انظر "السراج على نكت المنهاج" (٣/ ٧٠).
(٢) المجموع (٢/ ٦٤).
(٣) انظر "فتح العزيز" (٤/ ٢٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>