للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أحدها: المراد: بيض النعام؛ فإنه يبقى له بعد كسره قيمة، بخلاف بيض الدجاج ونحوه؛ فإنه لا قيمة لمذره بعد الكسر، فلا يتأتى فيه الأرش، وهذا وارد على قول "الحاوي" أيضاً [ص ٢٧٥]: (وإن نقص بما توقف عليه الوقوف) أي: على العيب؛ فإنه يتناول بيضة الدجاجة المذرة، ولا رد في هذه الصورة، بل يتبين بطلان البيع على الصحيح؛ لوروده على غير متقوم، وقد ذكر ذلك "التنبيه" بقوله [ص ٩٤]: (وإن لم يكن لما بقي قيمة .. رجع بالثمن كله).

ثانيها: المراد: البطيخ المُدَوّد بعضه، أما المدود جميعه .. فهو كبيضة الدجاجة المذرة، فيرجع بجميع الثمن؛ لفساد البيع، وأطلق "التنبيه" ذكر البطيخ، والمراد: المُدَوّد، أما الحامض: فالغرز فيه كاف؛ لحصول المعرفة بذلك.

ثالثها: قوله: (في الأظهر) يحتمل عوده إلى الأرش ففط مع القطع بالرد، وهو ظاهر عبارة "المحرر" (١)، قال السبكي: ولكنها طريقة لم أعلم من قال بها وإن خرجت من الأقوال الثلاثة. انتهى.

ويحتمل عوده إليهما؛ أي: رد على الأظهر، ولا أرش إذا رد على الأظهر؛ فإن فيه أقوالاً حكاها في "التنبيه" من غير ترجيح، المرجحُ الرد مع الأرش، وعدم الرد، قال في "التصحيح": والأصح: أن له رده، ولا أرش عليه (٢).

١٨٤٠ - قول "التنبيه" [ص ٩٤]: (وإن اشترى عبدين فوجد بأحدهما عيباً .. رده، وأمسك الآخر في أحد القولين) الأصح: خلافه، بل إما أن يمسكهما أو يردهما، وقد ذكره "المنهاج" بقوله [ص ٢٢٢]: (ردهما لا المعيب وحده في الأظهر) ومحل المنع: إذا لم يتراضيا عليه، فيجوز حينئذ في الأصح، وقد ذكره "الحاوي" بقوله [ص ٢٧٤]: (فيرد حصّة عقدٍ، وبالرضا بعضاً).

واعلم: أن الرافعي والنووي حكيا وجهين في رد بعض المبيع قهراً إذا لم ينقص بالتبعيض كالحبوب، ولم يرجحا منهما شيئاً (٣)، وقال شيخنا الامام البلقيني: الأصح: الجواز، ونص عليه الشافعي في "البويطي"، قال شيخنا: وعلى هذا يرد على "الحاوي" إطلاق: (وبالرضا بعضاً) أي: على مفهومه، فيقال: ويرد البعض بدون الرضا فيما إذا لم ينقص بالتبعيض كالحبوب ونحوها، ومحل الخلاف المتقدم: فيما لا يتصل منفعة أحدهما بالآخر، أما نحو: زوجي خف، ومصراعي باب .. فلا يجوز الإفراد قطعاً، وشذ بعضهم فحكى القولين، فلو باع بعض المبيع للبائع، ثم اطلع على عيب .. فهل له رد ما بقي على ملكه؟ حكى فيه البغوي في "فتاويه" قبل سجود السهو وجهين:


(١) المحرر (ص ١٤٦).
(٢) تصحيح التنبيه (١/ ٢٩٩).
(٣) انظر "فتح العزيز" (٤/ ٢٧٣)، و"الروضة" (٣/ ٤٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>